إن طريقة التدريس ذات صلة وثيقة بأسس المنهج السابق ذكرها، كما أن صلتها وثيقة أيضا بعناصر المنهج التي سبق الحديث عنها وما سوف يأتي منها، فالمنهج وحدة متكاملة البناء، ذات أجزءا مختلفة, ولكن بينها علاقات ذات تأثير وتأثر متبادل.
إن تحديد أهداف المنهج بطريقة مناسبة، واختيار المحتوى المناسب لهذه الأهداف، واختيار أفضل الطرائق للتعلم، كل هذا يعتمد على دراسة أسس المنهج ومصادر اشتقاقه، إن تربية الأطفال والشباب لا تتم في فراغ، وإنما تأخذ مكانها في مجتمع معين؛ ولهذا فإن بناء المنهج لا بد أن يعتمد على دراسة ثلاثة عوامل:
١- طبيعة المعرفة The Nature of Knowledge
٢ طبيعة الفرد في المجتمع The Nature of Man
٣- طبيعة المجتمع The Nature of Society وحاجاته ومشكلاته.
وهذا يشمل فيما يشمل، طبيعة المادة، وطبيعة عملية التعلم وكيفية حدوثه، وعلى هذا فإن تطوير المنهج -كما سنشير إلى ذلك في الفصل الأخير من هذا الكتاب- لا بد أن ينطلق من دراسة هذه الطبائع الثلاثة وعوامل التغيير واتجاهاته فيها.
إن مخطط المنهج مجبر على مسح وتفسير طبيعة مجتمعه، وقيمه الأساسية الثابتة والعناصر المتغيرة فيه، إن أية محاولة ناجحة لتخطيط منهج في فترة تغير اجتماعي سريع لا بد أن تفهم حاضر المجتمع وواقعه الذي هو عليه واتجاهاته نحو المستقبل، ولأن حاضر المجتمع متأثر بماضيه، إذ فلا بد من فهم الأسس الفلسفية والأحداث التاريخية التي أثرت في وجدان هذا المجتمع وساهمت في تكوين أنماطه السلوكية، إن تخطيط المنهج وتنفيذه بناء على هذا، سوف يتأثر إلى حد كبير بعقيدة المجتمع، وبالقيم الاجتماعية وبالحاجات الاجتماعية والمشكلات الاجتماعية، إن تحليل ماضي المجتمع، وحاجاته ومشكلاته الحاضرة وتطلعاته نحو المستقبل سوف يعين مخطط المنهج ومنفذيه على تحديد أي الأهداف يجب التأكيد عليها وأيها يمكن تركها،