يجب أن تهتم المناهج بتعليم اللغة العربية وإعطائها الأولوية في التعليم قبل أية لغة أخرى، فاللغة العربية هي لغة مقدسة فوق أنها لغة قومية.
إننا عندما كنا ندرس في بلاد الإنجليز كنا نغبطهم بسبب غيرتهم على لغتهم. فكثيرا ما كانوا يصححون لنا لغتنا -بطريقة ذكية- ونحن نتحدث معهم. وفي العام الماضي حقق وزير التربية البريطاني انتصارا سياسيا بعد أن استجاب المسئولون عن التربية والتعليم في المدارس الابتدائية البريطانية لقراره الذي يدعو إلى ترك العاميات إلى اللغة السليمة، بحيث يصبح جميع تلاميذ المدارس الابتدائية قادرين على القراءة والكتابة باللغة الإنجليزية الفصيحة.
وعلى العكس من ذلك نتصرف نحن مع لغتنا في بلادنا. فلا أعتقد أن أمة سوانا تمارس عدوانا على لغتها مثلما نفعل. وقد يكون مفهوما أن تجد العربية خارج حدودها أعداء يكيدون لها، لكن المؤلم حقا أن يكون بعض هؤلاء الأعداء من بنيها، عن قصد أو عن غير قصد، لذلك فالعربية اليوم تجاهد في جبهتين أقربهما أمرهما وأقساهما؛ لأنها تقاتل حينئذ قطعا من نفسها، وظلم ذوي القربى أشد مرارة على النفس. ولو كتب لها النصر في هذه المعركة فإن ما عداها يهون.
لقد أصبنا "بالإيدز اللغوي"؛ أي: فقدان المناعة اللغوية، لدرجة أن العدوان على لغتنا لا يستوقف معظمنا!
فهناك من صك الغرب عقولهم، وطبع على قلوبهم، ثم ابتعد وتركهم يؤدون دوره، وهم أناس من جلدتنا، ويتكلمون بلساننا، لكنهم يحترمون كل تراث إلا التراث الإسلامي، ويؤثرون كل لغة إلا العربية، ويلوون ألسنتهم برطانات الغرب، ويفاخرون بها. هؤلاء هم من يؤدي الغرب عن طريقهم الدور المطلوب، البطيء الخطوات، الأكيد المفعول!
وهؤلاء عادة ما يصيحون -كما يقول الشيخ محمد الغزالي- ما للغة العربية وعلوم الطب والهندسة والصيدلة؟ إن تعريب هذه العلوم مستحيل! وهم -عادة- لا يعيرونك آذانا صاغية عندما تقول لهم: إن اللغة العربية يجب أن تعود لغة العلم والتأليف العلمي كما كانت من قبل. إن اليهود قد نقلوا العلوم الحديثة إلى العبرية، وهي لغة ميتة؛ استخرجت من المقابر، وحررت من الأكفان، فهل تعجز العربية -وهي لغة حية راقية- لغة الوحي الإلهي -عما حققته العبرية؟!