[طريقة المحاضرة]
إن عملية التدريس هي نظام يتكون من مجموعة الخبرات والأنشطة التي يقوم بها المدرس, من أجل مساعدة التلميذ على تحقيق أهداف معينة. إن هذا يعني أن عملية التدريس وسيلة لتعديل السلوك. ويستند هذا التصور إلى مجموعة من الأسس، وهي أن عملية التدريس تتألف من مدرس وتلميذ ومادة تعليمية، وأنها سلوك اجتماعي يمكن ملاحظته وقياسه، وبالتالي يمكن تعديله، وأنها عملية إنسانية يتم التفاعل فيها بين المدرس والتلميذ، كما أنها عملية تساءول وسيلتها الرئيسية اللغة، فالمحاضر يختار ألفاظا وجملا وتراكيب بقصد مساعدة طلابه على استحضار المعاني التي يريد توصيلها إليهم.
إن المحاضرة طريقة من طرق التدريس التقليدية، وهي لذلك طريقة قديمة يستخدمها المدرس في كل المستويات التعليمية منذ أمد بعيد، وقد ازدادت أهيمة المحاضرة بسبب الانفجار السكاني والتوسع الهائل في التعليم, وبالتالي زيادة أعداد الطلاب وازدحام الفصول الدراسية, ونقص المدرسين وأعضاء هيئات التدريس على جميع المستويات التعليمية.
وتعتمد طريقة المحاضرة، في شكلها التقليدي على مجموعة من المسلمات منها: أن التلميذ كالإناء الفارغ وأن المدرس خازن للمعرفة، وأن عملية التعليم هي عملية ملء هذا الإناء وحشوه بالمعارف. فالافتراض هنا هو أن التلميذ مستقبل سلبي، وأنه ولد كالصفحة البيضاء، وأن مهمة التدريس هي أعداد التلميذ للحياة عن طريق إمداده بالخبرات التي تساعده في مستقبله، فالافتراض هنا هو أن المدرس مرسل وأن التلميذ مستقبل، وأن المدرس يحرص على توصيل رسالته إلى المستقبل، وأن المحاضرة وسيلة هامة لذلك.
إن هذا الافتراض ليس صحيحا بالطبع؛ لأن التلميذ ليس إناء فارغا، وليس صفحة بيضاء، وإنما هو إنسان لديه خبرات سابقة، وهو ليس سلبيا؛ لأنه عندما يستمع للمحاضر فإنه يقوم بترجمة الرموز التي يستمع إليها, ويعطيها معاني معينة ثم يفهم الكلام ويحلله ويفسره وينتقده ويقومه، وعلى ذلك فالتلميذ ليس سلبيا بحال من الأحوال.
مزايا طريقة المحاضرة:
وبالرغم من عدم صدق معظم المسلمات التي تقوم عليها المحاضرة, فإن لها مميزات كثيرة، ومن هذه المميزات ما يلي:
١- أنها طريقة اقتصادية، حيث إن الانفجار السكاني وما أدى إليه من زيادة كثافة الفصول الدراسية والمدرجات الجامعية, جعل طريقة المحاضرة هي الحل الوحيد في هذا الموقف، حيث إنها تناسب الأعداد الكبيرة في الوقت الذي يتعذر فيه عقد حلقات دراسية في مجموعات صغيرة للمناقشة، وبالتالي تساعد على خفض التكاليف.
٢- أنها طريقة تعتمد على الإعداد المسبق، وتحديد الأهداف، وإعداد المادة التعليمية وتنظيمها بطريقة مناسبة، كما أنها تعتبر طريقة مناسبة تعرض أكبر قدر من المواد والخبرات التعليمية.
٣- أنها تجعل المحاضر يشعر بالامتياز والسيطرة وربما يدفعه هذا إلى محاولة تأكيد ذلك عن طريق تحسين مادته وتجويدها وتحسين طريقة عرضه لها، كما أنها تعطيه الحرية في إعداد هذه المادة وتنظيمها بالشكل الذي يراه مناسبا.