للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذن فقيام نظام إعلامي إسلامي مخطط ومتكامل أمر مرهون بتنفيذ منهج الله في المجتمع، سياسة واقتصادا واجتماعا وتربية، لكن هذا لا يعني إيقاف النشاط الإعلامي الجاد, الذي يقوم به الأفراد والجماعات والهيئات الآن هنا وهناك, إلى أن يتغير نظام المجتمع ومنهجه العام لحكم الحياة فيه، بل يجب أن يستمر هذا النشاط ويتسع وفق خطة فنية واعية.

وفي ضوء الإطار السابق، فإن الإعلام الإسلامي في حاجة ماسة إلى ما يلي:

١- العودة إلى مجموعة المبادئ والتوجيهات التي وردت بشأنه في القرآن والسنة، ثم في اجتهادات علماء المسلمين ومفكريهم قديما وحديثا، مع الاستعانة بالخبرات الإنسانية والمتجددة في هذا المقام.

٢- إعداد الكوادر الإعلامية الإسلامية من خلال مناهج وبرامج نابعة من التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة, إن هؤلاء هم الأمل -بعد الله- في هداية "المغتربين" الذين ينكرون كل ما هو إسلامي في السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية والإعلام، ويقبلون كل ما دون ذلك!

٣- تجسيد المنهج الإسلامي، والروح الإسلامية، والقيم الإسلامية، والسلوك الإسلامي في كل فقرة من فقرات أجهزة الإعلام بطريقة علمية وفنية غير متكلفة ولا مصطنعة.

٤- مقاومة التدفق الإعلامي الزاحف عن طريق البث المباشر وغير المباشر، وذلك عن طريق تدعيم الإعلام الإسلامي المضاد، وغربلة ما يذاع وينشر، لاستئصال كل ما يضر بالمنهج الإسلامي وقيمه ومعاييره، ويساعد على نشر الفساد والعنف والجريمة، وفي هذا السياق لا بد من إعادة النظر في مضمون الإعلان التجاري، وطرقه وأساليبه التي تتعارض مع الإسلام، وتهدر كرامة الأسرة المسلمة، والمرأة المسلمة، عن طريق ابتزاز مشاعر الجنس الرخيصة لدى المشاهدين والقراء.

٥- العناية بمهارات القراءة الواعية، والاستماع الناقد لدى القراء والمستمعين، إن التطور في وسائل الاتصال -وخاصة البث التليفزيوني الدولي المباشر الذي يحمل في طياته غزوا ثقافيا مقصودا لمن لا منهج لهم ولا هوية- لا يتطلب "كفاية" المستمع أو المشاهد فقط، أي: سيطرته على الحد المقبول من مهارات الاستماع والفهم، بل يستلزم "كفاءة" المستمع أو المشاهد، أي: سيطرته على الحد الأعلى لمهارات الاستماع والقراءة، من فهم، وتحليل وتفسير، ونقد وتقويم، واستخدامه لهذه المهارات بأكبر قدر من الإيجابية والفاعلية١.

وعلى هذا فإن إعداد القارئ الكفء، والمستمع الكفء، هو أحد أهم العوامل الحاسمة في مواجهة الغزو الثقافي الداهم عبر ثورة الاتصالات، وهو أمر يجب أن يعمل حسابه بالتخطيط والتنسيق بين مناهج التربية ونظام الإعلام.


١ انظر: علي أحمد مدكور: تدريس فنون اللغة العربية، الرياض، دار الشواف، القاهرة، المطبعة الفنية، ١٤١٢هـ-١٩٩٢م، فصل الاستماع.

<<  <   >  >>