للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مناقشة مسألة "الوحي" وهل الإيمان به ضرورة أم لا؟، وبعد أن يكد الذهن في الاهتداء للحقيقة وتقبلها, يظل على حاله من الحيرة والقلق، كيف يستطيع التوفيق بين العلوم الحديثة التي تعلمها وبين ما يقدمه الدين من نظريات عن الكون والحياة، ومهما يكن إيمانه بالله قويا، واحتماله بعقيدته راسخا لا يتزعزع، فإن الدين يظل في معزل عن حياته لا يؤثر فيها، ولا يهيمن عليها كما ينبغي"١.

إن الفصل التعسفي بين علوم الشريعة، على أنها علوم للدين، وبين العلوم الحديثة على أنها علوم للدنيا، قد أحدث كثيرا من المتاعب التي تعاني منها الأجيال الحديثة، وهذا الفصل لا يقره الإسلام على الإطلاق، لكن الواجب عليهم أن يعيدوا صياغة العلوم الحديثة: كما سبق أن ذكرنا، بحيث تتعاون مع بقية مواد المنهج على تحقيق أهداف منهج التربية "وتحقيق أهداف الحياة السعيدة للمجموعة البشرية وفق تعاليم السماء"٢. والجهاد من أجل عمارة الأرض وتطبيق منهج الله، ومن هنا ترتبط في نفوسهم الأرض بالسماء، والدنيا بالآخرة، والفكر بالعمل.

محور المحتوى بين الذكور والإناث:

ومنهج التربية -كما سبق أن ذكرنا- يجب أن يعد الفتاة لمهمتها العظيمة المرتقبة، وهي تربية الناشئة، وإدارة البيت وتدبير شئونه بطريقة حسنة, حتى إذا جاءت الخطبة، وجاء الزوج، كانت مهيأة لدورها الطبيعي العظيم في الحياة.

ولا شك أن هناك علوما مشتركة في منهج التربية بين البنين والبنات صغيرهم وكبيرهم على السواء، وهذا القدر المشترك من محتوى المنهج هو ما يتصل بالجانب الثابت في حياة الإنسان، وهو العلم بالدين، ابتداء من قضية الألوهية، وما يتفرع عنها، وما يترتب عليها من مبادئ وقيم, وعلوم شرعية, وعلوم المعاملات بما تشتمل عليه من نظم وأخلاقيات وسلوك، ولا شك أن هناك قدرا آخر مشتركا، وهو ذلك الخاص بتاريخ المسلمين، وجغرافية العالم الإسلامي، واللغة العربية وآدابها، وبعض العلوم العامة.

وإلى جانب هذا القدر المشترك في المناهج، هناك "التربية النسوية" التي تعد الفتاة لوظيفتها، وتعلمها أصول هذه الوظيفة من إدارة شئون البيت، وتربية الأطفال، وتحول مشاعر الجنس الفطرية إلى تهيؤ عملي لاستقبال الحياة الزوجية المرتقبة.

ولا شك أن للفتاة بعد ذلك أن تتعلم من العلوم الأخرى ما تميل إليه، ولا قيد عليها في ذلك إلا قيد واحد هو ألا يصرفها عن وظيفتها الرئيسية التي تتفق مع فطرتها التي فطر الله الناس عليها.


١ المرجع السابق، ص٢٣، ٢٤.
٢ المرجع السابق، ص٢٤.

<<  <   >  >>