للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث الثاني

عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: ((لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استُنفِرتم فانفروا)) .

وقال يوم فتح مكة: ((إن هذا البلد حرَّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحلَّ القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحلَّ لي إلا ساعةً من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا مَن عرفها ولا يختلى خلاه)) ، فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم، فقال: ((إلا الإذخر)) ، والقين: الحداد.

قوله: ((لا هجرة بعد الفتح)) ؛ أي: فتح مكة، قال الخطابي وغيره: كانت الهجرة فرضًا في أول الإسلام على مَن أسلم؛ لقلَّة المسلمين بالمدينة وحاجتهم إلى الاجتماع، فلمَّا فتح الله مكة دخل الناس في دين الله أفواجًا، فسقط فرض الهجرة إلى المدينة، وبقي فرض الجهاد والنية على مَن قام به أو نزل به عدو.

قال الحافظ وكانت الحكمة في وجوب الهجرة على مَن أسلم ليسلم من أذى ذَوِيه من الكفار؛ فإنهم كانوا يعذبون من أسلم منهم إلى أن يرجع عن دينه، وفيهم نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: ٩٧] الآية.

وهذه الهجرة باقية الحكم في حق مَن أسلم في دار الكفر وقدَر على الخروج منها.

وقد روى النسائي من طريق بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده مرفوعًا: ((لا يقبل الله

<<  <   >  >>