عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، قيل: وما تزهي؟ قال: حتى تحمرَّ أو تصفرَّ، قال: أرأيت إذا منع الله الثمرة بِمَ يستحلُّ أحدكم مال أخيه؟
سبب هذا النهي ما قال البخاري: وقال الليث: عن أبي الزناد وكان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة الأنصاري قال: كان الناس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبايعون الثمار فإذا جاذَّ الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدمان أصابه مرض أصابه قشام عاهات يحتجُّون بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كثرت عنده الخصومة في ذلك: فإمَّا لا فلا تتبايعوا كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم، وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا فيتبيَّن الأصفر من الأحمر.
قوله:"حتى يبدو صلاحها"؛ أي: يظهر، وفي حديث جابر نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تُباع الثمرة حتى تشقح، فقيل: ما تشقح؟ قال: تحمار وتصفار ويُؤكَل منها؛ متفق عليه.
قوله:"نهى البائع والمشتري" قال الحافظ: أمَّا البائع فلئلاَّ يأكل مال أخيه بالباطل، وأمَّا المشتري فلئلاَّ يضيع ماله ويساعد البائع على الباطل، وفيه أيضًا قطع النزاع والتخاصم، ومقتضاه جواز بيعها بعد بُدُوِّ الصلاح مطلقًا، سواء اشترط الإبقاء أم لم يشترط؛ لأن ما بعد الغاية مُخالِف لما قبلها، وقد جعل النهي ممتدًّا إلى غاية بُدُوِّ الصلاح، والمعنى فيه أن تؤمن فيها العاهة، وتغلب السلامة، فيَثِق المشتري بحصولها بخلاف ما قبل بُدُوِّ الصلاح فإنه بصدد الغرر، وسبب النهي عن ذلك خوف الغرر لكثرة الجوائح فيها.
وفي حديث أنس:((فإذا احمرَّت وأُكِل منها أُمِنت العاهة عليها)) ؛ أي: غالب.