أنه نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، وعن النخل حتى يزهو.
قوله:"أرأيت إذا منع الله الثمرة بِمَ يستحلُّ أحدكم مال أخيه؟ وفي رواية: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أرأيت إذا منع الله الثمرة بِمَ يأخذ أحدكم مال أخيه؟)) .
وعن ابن شهاب قال: لو أن رجلاً ابتاع ثمرًا قبل أن يبدو صلاحه ثم أصابته عاهة كان ما أصابه على ربه.
وروى مسلم عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته عاهة فلا يحلُّ لك أن تأخذ منه شيئًا، بِمَ تأخذ مال أخيك بغير حق؟)) ، قال الحافظ: واستدلَّ بهذا على وضع الجوائح في الثمر يشترى بعد بُدُوِّ صلاحه، ثم تصيبه جائحة، فقال مالك: يضع عنه الثلث، وقال أحمد وأبو عبيد: يضع الجميع، وقال الشافعي والليث والكوفيون: لا يرجع على البائع بشيء، وقالوا: إنما ورد وضع الجائحة فيما إذا بيعت الثمرة قبل بُدُوِّ صلاحها بغير شرط القطع، فيحمل مطلق الحديث في رواية جابر على ما قيد به في حديث أنس، والله أعلم.
واستدلَّ الطحاوي بحديث أبي سعيد: أصيب رجل في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((تصدَّقوا عليه)) ، فتصدَّق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال:((خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك)) ؛ أخرجه مسلم وأصحاب السنن، قال: فلمَّا لم يبطل دين الغرماء بذهاب الثمار وفيهم باعتها ولم يُؤخَذ الثمن منهم دلَّ على أن الأمر بوضع الجوائح ليس على عمومه، والله أعلم.
قوله:((بِمَ يستحلُّ أحدكم مال أخيه)) ؛ أي: لو تلف الثمر لانتفى في مقابلته العِوَض، فكيف يأكله بغير عوض؟ وفيه إجراء الحكم على الغالب؛ لأن تطرُّق التلف إلى ما بدا صلاحه ممكن، وعدم التطرُّق إلى ما لم يبدُ صلاحه ممكن، فأُنِيط الحكم بالغالب في الحالتين، انتهى.
تتمَّة:
قال في "الاحتيارات": والصحيح أنه يجوز بيع المقاثي جمة بعروقها، سواء بدا صلاحها أو لا، وهذا القول له مأخذان: أحدهما: أن العروق كأصول الشجر، فبيع الخضروات قبل بُدُوِّ صلاحها كبيع الشجر بثمره قبل بُدُوِّ صلاحه يجوز تبعًا، والمأخذ الثاني وهو الصحيح أن هذه لم تدخل في نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - بل يصحُّ العقد على اللقطة الموجودة واللقطة المعدومة إلى أن يبس