ثلاثاً مرة واحدة، وكانت تقع نتيجة لذلك من المشكلات والحيل واللجوء الى "المحلل" ما يندى له الجبين.
ولكن قانوننا أخذ برأي بعض الصحابة والتابعين وبعض أتباع المذاهب الاجتهادية الأخرى كابن تيمية وابن القيم رحمهما الله. ومذهب الامامية على الراجح عندهم من أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع إلا واحدة.
وأنا لا أريد الخوض في مناقشة الأدلة التي يوردها الطرفان حول هذا الموضوع، ولكنني ألفت النظر الى أن آيات الطلاق في القرآن تشير الى أن جعل الطلقات ثلاثاً إنما هو لفسح المجال لعودة الصفاء بين الزوجين بعد الطلقة الأولى والطلقة الثانية، ويكاد يكون النص القرآني صريحاً في ذلك.
يقول الله تعالى:{الطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} ثم يقول بعد ذلك: {فإن طلقها (أي للمرة الثالثة) فلا تحل من بعد حتى تنكح زوجاً غيره}.
فهو هنا صريح في أن الطلاق على مراحل، تقع الطلقة الأولى فاما أن يمسكها بمعروف أي يراجعها وإما أن يسرحها بإحسان، فإذا راجعها ثم طلقها للمرة الثانية كان عليه أيضاً أن يراجعها وإما أن يسرحها بإحسان. فإذا طلقها للمرة الثالثة لم تعد تحل له حتى تتزوج غيره.
هذا هو نظام الطلاق بصراحة في القرآن الكريم، فكيف يتأتى تطبيق هذا النظام فيما لو طلقت الزوجة طلاقاً بائناً بينونة كبرى بمجرد أن يطلقها زوجها ثلاثاً بلفظ واحد في مجلس واحد وفي ثانية واحدة؟
ثم إن الله تعالى يقول في سورة الطلاق {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن، وأحصوا العدة، واتقوا الله لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً. فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف}.
فهذه الآيات صريحة في أن الطلاق يجب فيه التأني، وأن المطلقة يجب أن تعتد في بيت الزوجية ولا تخرج منه احتمال أن يحدث الله بعد ذلك أمراً، أي احتمال أن يعود الصفاء إلى قلب الزوجين فيعودا الى حياة الزوجية، فاذا انتهت العدة فاما أن يمسك الرجل مطلقته أي يعيدها اليه كزوجة، وإما أن