للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - ثم أي معنى لقول من يقول: ان وجود المرأة في البيت يعودها الكسل ولذلك تسمن نساؤنا أكثر من الغربيين، إن مثل هؤلاء لا يعرفون متاعب البيت وأعماله، وكيف تشكو المرأة من عنائه، فما يمسي المساء إلا وهي منهوكة القوى تروح عن نفسها بالاجتماع الى جاراتها وصديقاتها.

والبنت ما دامت في المدرسة فهي تتلقى العلم فلا يجوز ارهاقها بالعمل معه. واذا انتهت من المدرسة لا تمكث في بيت أبيها وأمها إلا بمقدار ما تتهيء للانتقال الى بيت الزوجية، فهي في هذه الحالة تتلقى دروساً عملية عن أمها في إدارة البيت وأعماله وشؤونه، فلا يجوز مع ذلك إرهاقها بالعمل خارج البيت ....

إن الذي أؤكده في الموضوع أن اعمال المرأة في البيت - بنتاً كانت أم زوجة - لا تقل عن أعمالها خارج البيت مشقة وعناءً. وكثيرا ما تكون أكثر مشقة وإرهاقاً.

أما ما يزعمون من سمن المرأة الشرقية فهذه نكتة لا تستحق المناقشة لولا اننا سمعناها كثيرا من هؤلاء المتحمسين لعمل المرأة خارج بيتها، ذلك أن السمن والنحافة تابعان لنظام التغذية "ومما لا ينكر أن نظامنا في الطعام يؤدي الى السمنة في الرجل والمرأة على السواء، بل الملاحظ أن السمن عند الرجال في الغرب كما شاهدنا ذلك، ويؤكد هذا ان الاعراب المقيمين في الصحراء قل أن يوجد فيهم السمين، ولقد لاحظت في احدى المرات التي أديت فيها فريضة الحج وقد حضره من مختلف أنحاء الجزيرة العربية ما يبلغ نحواً من ثلاثمائة ألف بدوي، لاحظت حينئذ أنه قل أن يوجد بينهم سمين، بل إني لم أر من هذا العدد الضخم سميناً واحداً قط.

فالقضية تابعة لنظام التغذية ونوع الغذاء لا الى الراحة أو التعب.

[الخطر المرتقب:]

من هذا كله يتبين لنا أن الخطر الذي يحدق اليوم بالحضارة الغربية كما أحدق من قبل بالحضارتين اليونانية والرومانية نتيجة تبرج المرأة واختلاطها الفاحش بالرجال، سيحدق بنا نحن أيضاً مع فارق واضح، وهو أن هذه الحضارات التي كان تبرج المرأة مرضاً من أمراضها القاضية عليها قد بلغ أصحابها ذروة الحضارة عندهم، بينما يحدق بنا الخطر ونحن في أول طريق

<<  <   >  >>