وهذا أمر لا تقره الشريعة. ولا تبيحه مصلحة الأسرة والمجتمع وفيه عدوان صارخ على حق الفتى والفتاة في اختيار كل منهما من يشاء لبناء حياته الزوجية المرتقبة. وقد أيدت التجارب فساد مثل هذا النوع من الزواج وفشله وكثيراً ما ينتهي بجرائم خلقية أو عدوانية.
ومن هنا أخذ قانون الأحوال الشخصية السوري بمبدأ عدم صحة زواج الصغار، وأن أحداً لا يملك تزويجهم ولياً كان أم وصياً، وإن كان ذلك كان لغواً لا أثر له. وقد اقتضى قانوننا في ذلك إثر قانون حقوق العائلة العثماني.
أما قانون مصر فقد منع سماع دعوى الزوجية في مثل هذه الحالة، ومعنى ذلك أن العقد صحيح ولكن المحكمة الشرعية لا يمكنها تسجيله، ولعل عذرهم في ذلك واقع الريف المصري، فان زواج الصغار منتشر جداً، فأرادوا احترام الأوضاع الاجتماعية القائمة، واعتبروا عدم سماع الدعوى في هذا الزواج خطوة أولى في طريق إيقافه.
والذي نراه أن ما فعله قانوننا أصح وأحزم.
[٢ - تحديد سن الزواج]
ليس في الفقه الاسلامي تحديد لسن الزواج، بل أحكامه العامة قاضية ببلوغ الرشد حين البلوغ الجنسي فعلاً، أو تقديراً بخمس عشرة سنة ولكن قانون الأحوال الشخصية جعل سن الأهلية الكاملة للزواج ثمانية عشر عاماً للفتى، وسبعة عشر عاماً للفتاة، وأجاز القانون للفتى اذا بلغ خمسة عشر عاماً، وللفتاة اذا بلغت ثلاثة عشر عاماً، وأرادا الزواج، أن يتقدما بطلب الى القاضي للاذن لهما بعقد الزواج. فاذا وجد القاضي أن جسميهما يحتملان الزواج ووافق الأب أو الجد فقط على ذلك، يسمح لهما بالزواج وإلا فلا.
وليس لهذا التحديد مستند من آراء الفقهاء الاسلاميين، ولكنه أخذ عن القوانين الغربية، وللغربيين بيئتهم وأوضاعهم الخاصة، غير أني لا أرى هذا التحديد متفقاً مع مرحلة البلوغ الجنسي لكل من الفتى والفتاة في بلادنا، ولا يتفق مع المصلحة الأخلاقية العامة، فيجب أن يسمح بالزواج منذ البلوغ الجنسي، والفتى والفتاة وأولياؤهما أدرى بالمصلحة متى تكون في الزواج، أهو بمجرد البلوغ أم بانتظار سنوات بعد ذلك، وتدخل القانون في هذا الموضوع لا معنى له، بعد أن فتح الباب بالسماح بالزواج بمجرد البلوغ الجنسي ولكن