للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الأحوال الشخصية - في الطلاق - مبادئ عامة في الطلاق

شرع الله الطلاق علاجاً للخلافات الزوجية حين لا ينفع معها علاج سواه، وقد كان الغربيون منذ قرن مضى يعيبون على الاسلام شرع الطلاق ويعتبرونه دليلا على استهانة الاسلام بقدر المرأة، وبقدسية الزواج.

ومع أن الاسلام لم يكن أول من شرع الطلاق أيضاً، وقد جاءت به الشريعة اليهودية، وعرفه العالم قديماً، فإن الاسلام قد جاء فيه بنظام يكفل لكل من الزوجين حقوقهما وكرامتهما كشأنه دائماً في كل ما قام به من اصلاح للأوضاع الاجتماعية، كما أنه لا يجعل من مبدأ الطلاق أداة للتلاعب بقدسية الزواج وعدم استقرار الحياة الزوجية، كما حصل للغربيين حين أباحوا الطلاق.

إن الاسلام يفترض أولاً أن يكون عقد الزواج دائماً، وأن تستمر الزوجية قائمة بين الزوجين حين يفرق الموت بينهما، ولذلك لا يجوز في الاسلام تأقيت عقد الزواج بوقت معين، فإن نص فيه على وقت معين صح العقد ولغا التأقيت وكان مؤبداً.

وما يجيزه الامامية في عقد المتعة - وهو زواج مؤقت - لم توافقهم عليهم جمهرة المذاهب الفقهية في الاسلام، بل انفردوا وحدهم بالقول بجوازه، حتى أن الشيعة الزيدية وهم من أهم فرق الشيعة يتفقون مع الجمهور في بطلان عقد المتعة وعدم جوازه (١).

غير أن الاسلام وهو يحتم أن يكون عقد الزواج مؤبدا، لا يغمض عينيه عن طبائع الناس، وتجارب الأمم، وما يمكن أن يقوم بين الزوجين من خلاف منشؤه اختلاف الأمزجة والاخلاق، أو اختلاف المصالح في بقاء الزوج أو انحلاله، أو ما أشبه ذلك من دواعي الخلاف بين الزوجين، كما أنه لم يغفل


(١) انظر هذا البحث في كتابنا "شرح قانون الأحوال الشخصية" الجزء الأول الطبعة الخامسة.

<<  <   >  >>