وبهذا نعلم أنه لا معنى للشغب والتشنيع على الاسلام في هذه القضية، واتخاذها سلاحاً للادعاء بأنه انتقص المرأة، وعاملها دون الرجل كرامة ومكانة. مع أنه أعلن إكرامها ومساواتها بالرجل في ذلك بنصوص صريحة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، وقد ذكرنا بعضها فيما مضى.
[٢ - في الميراث:]
أثبت الاسلام تقديره للمرأة، ورعايته لحقوقها، باعطائها حق الميراث، خلافاً لما كان عليه عرب الجاهلية وكثير من الشعوب القديمة وبعض الشعوب في العصر الحاضر بالنسبة للزوجة مثلاً.
وهذا النصيب يختلف في أحكام الارث بين حالات:
١ - بين أن يكون نصيبها مثل نصيب الذكر، كما في الأخوات لأم، فان الواحدة منهن إذا انفردت تأخذ السدس كما يأخذ الأخ لأم إذا انفرد، وإذا كانوا ذكوراً وإناثاً، اثنين فأكثر: فإنهم يشتركون جميعاً في الثلث، للذكر مثل حظ الانثى.
٢ - وبين أن يكون نصيبها مثله أو أقل منه، كما في الأم مع الأب إذا كان للميت أولاد "فإن ترك معهما ذكوراً فقط أو ذكوراً وإناثاً، كان لكل من الأب والأم السدس من التركة، وإن ترك معهما إناثاً فقط، كان لكل من الأب والأم السدس، ويأخذ الأب بعد ذلك مازاد من التركة عن السهام، فمن مات عن بنت وزوجة وأم وأب، كان للبنت النصف، وهو اثنا عشر من أربعة وعشرين، وللزوجة الثمن، وهو ثلاثة، وللأم السدس وهو أربعة، وللأب السدس والباقي فيكون له خمسة.
٣ - وبين أن تأخذ نصف ما يأخذه الذكر، وهذا هو الأعم الأغلب، بل هو القاعدة العامة إلا ما ذكرناه، فهل هذا لنقصٍ من انسانيتها في نظر الإسلام؟ أم لنقصٍ في مكانتها وكرامتها؟.
ليس في الأمر شيء من هذا، فمن المستحيل أن ينقض الاسلام في ناحية ما يبينه من ناحية أخرى، وأن يضع مبدءً ثم يضع أحكاماً تخالفه، ولكن الأمر يتعلق بالعدالة في توزيع الأعباء والواجبات على قاعدة: "الغْرُم بالغُنْم".
ففي نظام الاسلام يلزم الرجل بأعباء وواجبات مالية لا تلزم بمثلها المرأة، فهو الذي يدفع المهر، وينفق على أثاث بيت الزوجية، وعلى الزوجة والأولاد.