كل الأسباب السابقة التي ذكرناها يكون الطلاق أو التفريق فيها أمراً تحتمه المصلحة، إما مصلحة الزوجة أو مصلحة الزوج.
وهنالك حالتان يكون الطلاق فيهما تعسفاً وعدواناً خالصاً. وقد تعرض القانون لهما أيضاً:
١ - أن يطلق الرجل المريض مرض الموت زوجته ليحرمها من ارثها منه، وهذا بلا شك عدوان لا يرضاه الله وتأباه المروؤة، وللأئمة فيه آراء مختلفة:
فيرى الشافعي أن المرأة إذا طلقها زوجها طلاقاً بائناًَ وهو في مرض الموت ثم مات قبل أن تنتهي عدتها، لا ترث من ذلك الزوج، لأن الطلاق البائن يقطع عرى الزوجية فلما مات لم تكن زوجته فلا ترث منه، أما أن يكون قصده من طلاقها حينئذ الفرار من ارثها فذلك أمر يعاقبه الله عليه، ولا يؤثر على الصيغ والعقود.
ويرى الأئمة الثلاثة أن العدل يقتضي معاقبته على قصد اضراره بالزوجة، واختلفوا بعد ذلك في الحكم:
فرأى أبو حنيفة توريثها منه إذا مات وهي لا تزال في عدتها، فان انقضت عدتها من الطلاق ثم مات بعد ذلك لم ترث منه.
ورأى أحمد أنها ترث منه ولو مات بعد انتهاء عدتها ما لم تتزوج زوجاً آخر، فاذا تزوجت فلا إرث لها من زوجها الأول.
ورأى مالك أنها ترث ولو انتهت عدتها وتزوجت من آخر، وهذا كما ترى على طرف النقيض من رأي الشافعي، بينما ذهب أبي حنيفة وأحمد متوسطان.
وقد اختار القانون رأي أبي حنيفة، ونحن نختار رأي أحمد فهو أقرب الآراء الى العدالة، وأدناها الى معاملة الزوج بخلاف قصده، إذ قصد الفرار من إرثها، فورثناها منه ما لم تتزوج زوجا آخر، فإنها سترث من هذا الأخير فلا معنى لتوريثها من الأول.
٢ - والحالة الثانية من حالات التعسف أن يطلقها لغير سبب معقول،