النهوض والتقدم، ومن العجيب أن يريد لنا بعض الناس أن نبدأ من حيث انتهى غيرنا، وأن نساير الغربيين في أمر بدؤا يعلنون أنه سيقضي على حضارتهم.
وليس للأمة مصلحة في استجلاب هذا الخطر الى بيوتها وأسرها، وهي هانئة تنعم بالاستقرار والتماسك وجو الحب والثقة، الأمر الذي لا يعرفه الغربيون بعد أن تفشت فيهم تلك الأمراض، بل بدؤا يحنون اليه ويعلنون عن أسفهم للحرمان منه.
[خطر أدباء الجنس:]
وفي يقيني أن هؤلاء الذين يحرضون المرأة في أدبهم على الخروج على الآداب الصالحة التي عرفنا بها، ويغرونها بأن تتبع طريق المرأة الغربية ويعملون على حرمانها من هدوئها وسعادتها، يحملون أكبر وزر من انجراف المرأة والمجتمع في هذا التيار الضار، وقد كان الظن بهم أن يكونوا رواد نهضة حقيقية تبعث في الأمة روح الكفاح وتحبذ لها حياتها الأسروية الهانئة، ليكون مجتمعنا في نهضته الجديدة مجتمعاً متماسكاً قوي البنيان، إن هؤلاء الناس من أدباء الجنس يحملون بأيديهم معاول التهديم في صرح كياننا الداخلي المتين، وهم في هذا الطريق الذي اختطوه لا يريدون بذلك مصلحة الأمة ولا يندفعون وراء عقولهم. بل وراء أهوائهم وشهواتهم، وهم يبغون منه الاثراء المادي بنشر هذا الأدب الرخيص المدمر بين الشباب والفتيات ليقبلوا عليه ويلتهموا ما فيه. إني لا أرى فرقاً بين أثرياء الجنس وأثرياء الحرب، فكلاهما يجد في الأزمات فرصة للربح والكسب، بل في رأيي ان أثرياء الجنس أشد خطراً وأسوأ أثراً، فلماذا نتركهم يخربون بيوتنا باسم الحرية، وما كانت الحرية الخالصة من الشوائب إلا حرية بناء لا تهديم، وحرية تقدم حقيقي لا رجوع الى الوراء آلاف السنين حين كان الانسان ينطلق وراء شهواته لا يبالي بمجتمع ولا يتقيد بنظام؟
ومن الغريب أن أدباء الجنس يقصرون انتاجهم كله على هذا النوع المؤدي الى تفسخ الاخلاق وانحلال الأسرة وشيوع الميوعة، بينما نعيش أخطر مرحلة في تاريخنا كله، مرحلة الكفاح مع اسرائيل، والكفاح - كما تعلم - يقتضي أدب الرجولة لا أدب الميوعة، وأدب القوة لا أدب الضعف، وأدب التضحية لا أدب المنفعة، وأدب الحرمان لا أدب اللذة وإحياء الغرائز والشهوات.