المسلمون أن يواصلوا الحروب أكثر من مائتي سنة، ثم واصلوا الحروب بعد ذلك في غزوات التتار، وفي غزوات الصليبيين، وفيما بعد ذلك دون أن يشكو نقصاً في الرجال، وكثرة في النساء؟
في اعتقادي أن لنظام تعدد الزوجات والتسري أثراً كبيراً في هذه النتيجة، ولمن شاء من الباحثين أن يدلنا عن سبب غير هذين ..
في الأحوال الشخصية - في تعدّد الزوجات - المسلمون اليوم والتعدد
منذ أفاق المسلمون على ضجيج الحضارة الغربية تصك آذانهم، على جيوشها وحكوماتها تسيطر على شؤونهم ومقدراتهم، وعلى كتبها وعلومها تغزو عقولهم وأفكارهم، وعلى مستشرقيها ومبشريها يحاولون النيل من دينهم وتراثهم، تنبه المفكرون فيهم الى وجوب اصلاح المجتمع الاسلامي وتنقيته من الشوائب، وإنهاضه من كبوته، وبعثه من رقاده.
ومما كثر جدلهم في تعدد الزوجات، وهو أمر كان فاشياً شيئاً ما في ذلك الحين، ثم أخذ يتقلص شيئاً فشيئاً لعوامل كثيرة، وهو منتشر في بعض الأقطار الإسلامية أكثر منه في أقطار أخرى، فهو في مصر مثلا أكثر منه في بلاد الشام .. وقد يكون في تركيا أقل منه في الشام وهكذا.
ولقد كان التعدد يومئذ نتيجة جهل المسلمين، وبُعدهم عن أحكام الاسلام يؤدي الى أضرار كثيرة في الأسرة والمجتمع، مما لا علاقة له بنظام التعدد في الاسلام، بل بأخلاق المسلمين أنفسهم.
إزاء هذا وإزاء حملات الغربيين السديدة على نظام التعدد في الاسلام فكر عدد من المصلحين الاسلاميين في معالجة أضرار التعدد بأساليب شتى.
وكان أقوى من تكلم في ذلك، وأبعدهم أثراً، هو الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رحمه الله.
فقد كتب كثيراً في أضرار التعدد كما كان عليه في أيامه، وكما شاهد مساوئه بنفسه، وقد تعرض له في دروسه في التفسير التي كان يلقيها في الجامع الأزهر ويدونها حينئذ تلميذه وحامل علمه السيد رشيد رضا رحمه الله، فكان ينشرها في مجلته "المنار" ثم نقل شيئاً منها في تفسيره (ج ٤ ص ٣٤٩).