بالسياسة الشرعية، فلولي الأمر منع المباح اذا نشأت عنه مفسدة، فكيف اذا كان حراماً؟
وبذلك أخذ قانوننا في وجوب تقارب الزوجين في العمر، ونص على أنه اذا كان الفارق كبيرا ولا مصلحة في هذا الزواج فللقاضي أن لا يأذن به. ونعم ما فعل.
غير أن القانون لم يحدد للفارق سناً معينة، وقد جرت محاكمنا الشرعية على اعتبار الفارق المسموح به ما كان دون العشرين عاما، فان زاد على ذلك كان غير مسموح به، وقد يكون هذا مقبولاً على وجه العموم.
[٤ - منع تحكم الولي في الزواج:]
لا تزال التقاليد في مجتمعنا - وبخاصة في الريف - تكاد تسلب الفتاة حريتها في اختيار الزوج، والأغلب أن يفرض عليها من يريده الأب، أو ترضاه الأم وهي بواقعها كفتاة عذراء تستحي أن تبدي رأيها، وبواقع المجتمع الذي تعيش فيه لا يحق لها أن تعترض على ارادة أبيها وأوليائها وكثيراً ما أخفق الزواج في مثل هذه الحالات، وجر وراءه مآسي كثيرة.
وليس لهذا سند صريح من الشريعة، إلا أن بعض المذاهب الاجتهادية ذهبت الى أن الأب يستطيع اجبار فتاته البكر - دون الثيب - على الزواج ويستحب له أن يأخذ رأيها.
وخالف في ذلك أبو حنيفة رحمه الله ومن وافقه، فقالوا: ليس للأب ولا لغيره من الأولياء اجبار البنت البكر البالغة على الزواج، ويجب على الأب أو الأولياء استئمارها في الزواج، فان وافقت عليه صح العقد وإلا فلا.
وقد كان العمل - ولا يزال - في المحاكم الشرعية جارياً على الأخذ برأي أبي حنيفة، فلم يكن للأب أو الأولياء سبيل إلى اعنات الفتاة واجبارها على الزواج بمن لا تريد.
غير أن أبا حنيفة ومن معه يرون من حق الأولياء الاعتراض على رغبة الفتاة في الزواج بمن تحب عن طريق الادعاء بأمرين:
الأول: عدم كفاءة الزوج، وللكفاءة عند أبي حنيفة وغيره مقاييس من الحسب والمهنة ومكانة الآباء والجدود والغنى وغير ذلك مما يفتح المجال