قبل، وبرغم مساواته لها بالرجل في الأهلية الحقوقية والمالية، يرى أن من الخير لها ولأسرتها وللمجتمع أن تتفرغ لشؤون الأسرة وتهتم بها ولذلك أسقط عنها تكاليف المعيشة، فألزم زوجها بالانفاق عليها - مع أنها أهل لأن تبيع وتشتري وتزاول كل أعمال الكسب - كما ألزم أباها بالانفاق عليها حتى تتزوج، لتكون متمرسة بأعمال البيت تحت اشراف أمها، فكأنها وهي في البيت تحت رعاية أبيها وأمها في مدرسة الفنون النسوية: الأم تعلم، والأب ينفق.
وبهذا الموقف الحكيم صان الاسلام كرامة المرأة فلم يسلبها حقوقها، وصان سعادة الأسرة فلم يلزم الزوجة بترك البيت لتشتغل بشغل آخر مما يعمل فيه الرجال من سياسة أو تجارة أو غيرها.
ومن هنا نفهم سر عدم اشتغال المرأة المسلمة بالسياسة في جميع أدوار التاريخ، مع ما نالته من حقوق كانت تمكنها من أن تشتغل بالسياسة، ولكنها أدركت واجبها الأول في الحياة، وهي أن تكون أماً وربة بيت ويشبه موقفها هذا موقف المرأة السويسرية التي نالت حقوقها وتساوت مع الرجل في حقوقه، ومنها الحق السياسي، ومع ذلك فهي لم تستعمله، ولا تريد أن تستعمله، لأنها تفضل أن تتفرغ لبيتها وأولادها على أن تخوض معارك السياسة بخصوماتها ومشكلاتها.
في الحقوق السياسية - المرأة والسياسة في عصرنا الحديث
غير أن المرأة المسلمة لم تبق على ما كانت عليه قابعة في بيت الزوجية تتفرغ لشؤون زوجها وأولادها، بل أخذت - بتأثير الحضارة الغربية - أو أخذ المقتنعون باتجاه الحضارة الغربية في قضية المرأة يطالبون لها بأن تنال حقوقاً سياسية كالرجل، وأخيراً حصلت في بلادنا على حق الانتخاب وحق الترشيح للنيابة في المجالس النيابية.
وأريد أن أسجل هنا للتاريخ أن هذين الحقين لم تنلهما المرأة بإرادة الشعب الحرة، وإنما نالتهما في غيبة الحياة النيابية وقيام الانقلابات العسكرية، أو الحكم الفردي المستبد.
وأيا ما كان فقد أصبح من حقها أن تنتخب وأن تُنتخب، فما هو موقف الاسلام من ذلك؟