عن طريق اقتناع بأن جسم الفتى أو الفتاة يحتمل الزواج! .. كأن القاضي أغير على مصلحة الفتى والفتاة منهما أو من أوليائهما!
على أني لم أجد فائدة لتدخل القاضي في هذا الموضوع، فالآباء الراغبون في زواج بناتهم قبل بلوغهم سن الزواج القانوني يلتمسون من الحيل ما يفسد احتياط القانون لذلك، ومن أهم هذه الحيل أن يعرضوا على القاضي أو مندوبه شقيقة الفتاة الكبرى، أو بنت عمها، أو احدى قريباتها أو احدى جاراتها على أنها هي التي يراد زواجها، فيوافق القاضي ... فما فائدة هذا التدخل؟ ولم ندخل القاضي في مثل هذه المشاكل؟
إن عصرنا عصرٌ وعى الناس لمشكلاته تماماً، فالفتاة تعرف مشكلات الزواج ومتاعبه، فلا توافق أولياءها على الزواج إلا وهي مقتنعة بأن مصلحتها فيه، وكذلك أولياؤها يعرفون متاعب الزواج المبكر جداً، فاذا رغبوا في زواج فتاتهم بعد بلوغها بسنوات قلائل كان ذلك عندهم أنه في مصلحتها.
قد يقال: إن بعض الآباء يرغمون بناتهم على الزواج وهن في سن مبكرة رغبة في منافع مادية يؤملونها.
والجواب على هذا بأن مذهب أبي حنيفة - وهو الذي أخذ به في قانون الأحوال الشخصية - أن الفتاة متى كبرت لا يستطيع أبوها أو أولياؤها إجبارها على قبول الزواج، بل لابد من رضاها، وفي هذا ضمانة كافية لمنع تسرع الآباء في تزويج فتياتهم رغبة في منافع مادية.
[الزواج المبكر]
إنني من أنصار الزواج المبكر نسبياً، فالزواج المبكر أحفظ لأخلاق الشباب، وأدعى الى شعورهم بالمسؤولية. وهو أفضل لصحة الزوجين، وللزوجة بصورة خاصة.
وقد ثبت علمياً - كما أيده الدكتور فيكتور بوجومولتز في كتابه "من الجلد الى الذهن" وترجم أخيراً بعنوان "عش شاباً طول حياتك" - ان انجاب الأطفال شيء مهم جداً في حياة المرأة من كل ناحية، ولم يقرر أحد من المختصين أن تعب البنية من كثرة الولادة قاض عليها، ويقول (ص ٦٨):
"إن من المؤكد أن عملية الحمل والولادة عامل حيوي جداً في نشاط بنية المرأة، ولست أميل الى القول بأن المرأة تتعرض لتقصير حياتها بافراطها