كان أول مرة أعطيت فيها المرأة في بلادنا حق الانتخاب في عام ١٩٤٩ وفي عهد حسني الزعيم إثر إنقلابه المعروف، فقد صدر في عهده قانون جديد للانتخاب أعطيت فيه المرأة حق الانتخاب، وقد فرض هذا القانون على الأمة فرضاً. ولما قامت الجمعية التأسيسية في ذلك العام وبدأ بوضع الدستور، رأينا بعد المناقشة وتقليب وجهات النظر أن الاسلام لا يمنع من اعطاء هذا الحق، فالانتخاب هو اختيار الأمة لوكلاء ينوبون عنها في التشريع ومراقبة الحكومة، فعملية الانتخاب عملية توكيل، يذهب الشخص الى مركز الاقتراع فيدلي بصوته فيمن يختارهم وكلاء عنه في المجلس النيابي يتكلمون باسمه ويدافعون عن حقوقه، والمرأة في الاسلام ليست ممنوعة من أن توكل إنساناً بالدفاع عن حقوقها والتعبير عن إرادتها كمواطنة في المجتمع، وكان المحظور الوحيد في إعطاء المرأة حق الانتخاب هو أن تختلط بالرجال أثناء التصويت والاقتراع، فيقع ما يحرمه الاسلام من الاختلاط والتعرض للمحصنات وكشف ما أمر الله به أن يستر. وقد تقرر دفعاً لذلك المحظور أن يجعل لهن مراكز للاقتراع خاصة بهن، فتذهب المرأة وتؤدي واجبها ثم تعود الى بيتها دون أن تختلط بالرجال أو تقع في المحرمات.
وتقرر في الدستور الذي أصدرناه عام ١٩٥٠ حق المرأة في الانتخاب فقط، ثم جاء عهد الوحدة، فصدر قانون بإرادة الحاكم الفرد يعطي المرأة حق الترشيح للنيابة، ومع أن عدداً من النساء قد رشحن أنفسهن للانتخابات بعد ذلك إلا أن واحدة منهن لم تنجح لأن الأمة لم تقتنع بعد بفائدة نيابة المرأة واشتغالها بالسياسة، وقد كان فرض منهن عدد في مجلس الأمة أيام الوحدة لم يكن للشعب نفسه رأي في اختيارهن ولا نيابتهن.