للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[اعتراض آخر وجوابه:]

وهنالك اعتراض آخر كان قائماً منذ سنوات، وكانت الألسنة تلهج به، وهو أن في بعض أحكام الطلاق ما يؤذي المرأة حتما، وليس فيها ما ينصفها أو يدفع عنها الأذى، ومن ذلك إيقاع الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد، وطلاق المرأة في حالة غضب الزوج غضباً لا يكاد يعي فيه ما يقول، وعدم استطاعة الزوجة الخلاص من زوج يسيء معاملتها حتى أصبحت معه جحيما لا يطاق، وهي تتمنى طلاقها منه بأي وسيلة ولكنه يتعنت ذلك ويأبى طلاقها.

إن مثل هذه الحالات كانت قائمة في مجتمعنا، وكانت الشكوى منها عامة ولكن الحق أنها ليست ناشئة من نظام الطلاق كما جاء في القرآن والسنة، ولكنها ناشئة من التقيد بأحكام مذهب معين من المذاهب الأربعة كما كان العمل عليه في محاكمنا الشرعية منذ عصور حتى سنوات خلت.

ولهذا اتجهت عناية المصلحين الى الاستفادة من المذاهب الاجتهادية الأربعة وغيرها مما يخفف هذا الاعنات عن المرأة، ومما يفسح أمامها مجالاً للخلاص من زوج ظالم قاسي القلب سيء الأخلاق لا ترى منه إلا كل غلظة وفظاظة.

وأستطيع أن أؤكد أن ما وضع في سبيل ذلك من تشريع - سواء في سورية أو مصر أو غيرها - قد أزال كثيراً من أسباب الشكوى من انفراد الزوج بحق الطلاق، هذا مع اعتقادي بأنه لا تزال هناك ثغرات يجب أن تعالج أيضاً بالأخذ بما يصلح من المذاهب الاجتهادية في الاسلام.

لقد قامت هذه التشريعات على الحل الخامس المعقول الذي ذكرناه من قبل، وهو أن يبقى الطلاق بيد الرجل، على أن تعطى المرأة فرصاً للخلاص من زوج تكرهه، أو زوج يتعمد اعناتها وإيذائها. وبذلك نحول دون استبداد الزوج بحق الطلاق استبدادا يتنافى مع الخلق الاسلامي بعد أن ضعف الوازع الديني، وساءت الأخلاق إلى حد كبير.

<<  <   >  >>