للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحن نقول زيادة على هذا إن الأمم المتحاربة ولو كانت كلها ممن تذهب إلى وحدة الزوجة، إلا أن الأمة المغرقة في الترف هي تتعرض للفناء أمام الأمة التي هي أقل حضارة وأقرب الى الفطرة، لأن نساء الأمة المتحضرة المغرقة في الترف تميل دائماً الى الإقلال من النسل كما هو في فرنسا، بخلاف الأمة الأخرى فإنها تنجب أكثر كما هو في روسيا، فلا بد للأمة الأولى من أن تلجأ إلى تعدد الزوجات لتسدرك نقصان التناسل فيها ...

في الأحوال الشخصية - في تعدّد الزوجات - ضرورات التعدد الشخصية

هناك حالات كثيرة قد تلجئ الانسان الى التعدد، نذكر منها على سبيل المثال:

١ - أن تكون زوجته عقيماً، وهو يحب الذرية، ولا حرج عليه في ذلك، فحب الأولاد غريزة في النفس الإنسانية: ومثل هذا ليس أمامه إلا أحد أمرين: إما أن يطلق زوجته العقيم، أو أن يتزوج أخرى عليها، ولا شك في أن الزواج عليها أكرم باخلاق الرجال ومروؤاتهم من تطليقها، وهو في مصلحة الزوجة العاقر نفسها، وقد رأينا بالتجربة أنها - في مثل هذه الحالة - تفضل أن تبقى زوجة ولها شريكة أخرى في حياتها الزوجية، على أن تفقد بيت الزوجية، ثم لا أمل لها بعد ذلك فيمن يرغب في الزواج منها بعد أن يعلم أن طلاقها كان لعقمها، هذا هو الأعم الأغلب، إنها حينئذ مخيرة بين التشرد أو العودة الى بيت الأب، وبين البقاء في بيت زوجها لها كل حقوق الزوجية الشرعية وكرامتها الاجتماعية، ولها مثل ما للزوجة الثانية من حقوق ونفقات.

نحن لا نشك في أن المرأة الكريمة العاقلة تفضل التعدد على التشرد، ولهذا رأينا كثيراً من الزوجات العقم يفتشن لأزواجهن عن زوجة أخرى تنجب لهم الأولاد.

٢ - أن تصاب الزوجة بمرض مزمن أو معد أو منفر بحيث لا يستطيع معه الزوج أن يعاشرها معاشرة الأزواج، فالزوج هنا بين حالتين: إما أن يطلقها وليس في ذلك شيء من الوفاء ولا من المروءة ولا من كرم الأخلاق، وفيه الضياع والمهانة للمرأة المريضة معاً، وإما أن يتزوج عليها أخرى ويبقيها في عصمته، لها حقوقها كزوجة، ولها الانفاق عليها في كل ما تحتاج اليه من دواء وعلاج، ولا يشك أحد في أن هذه الحالة الثانية أكرم وأنبل، وأضمن لسعادة الزوجة المريضة وزوجها على السواء ...

<<  <   >  >>