كأفراد الجيش مثلاً؟ فهل يعني منعهم من حق الاشتغال بالسياسة أنهم دون المواطنين كرامة وإنسانية؟
أليست قوانيننا تمنع الموظف من الاشتغال بالتجارة؟ فهل يعني ذلك أنه فاقد الأهلية أو ناقصها؟
إن مصلحة الأمة قد تقضي تخصيص فئات منها بعمل لا تزاول غيره، وليس في ذلك غض من كرامتها، أو انتقاص من حقوقها، فلماذا لا يكون عدم السماح للمرأة بالاشتغال بالسياسة هو من قبيل المصالح التي تقتضيها سعادة الامة كما تقتضي تفرغ الجندي لحراسة الوطن دون اشتغاله بالسياسة؟ وهل تفرغ الأم لواجب الأمومة أقل خطراً في المجتمع من تفرغ الجندي للحراسة، وتفرغ الموظف للادارة دون التجارة؟
[كلمة صريحة:]
لنكن صريحين في معالجة هذا الموضوع، فأنا لا يخيفني أن أتهم بالجمود والرجعية وعداوة المرأة بمقدار ما يهمني أن أذكر آرائي بكل حرية وأن أنبه أمتي الى الاخطاء. لقد وفدت الينا عدوى اشتغال المرأة بالسياسة من الغرب، ومع أن الغرب لم يعط هذا الحق للمرأة إلا بعد مئات السنين من نهضته، نحب أن نتساءل: ماذا كانت نتيجة هذه التجربة عند الغربيين؟
إن أول شيء يبدو للمتتبع لهذه القضية تناقص عدد النائبات سنة عن سنة، ومعنى ذلك أن الغربي بدأ يشعر بعد التجربة أن إعطاء المرأة حق الاشتغال بالسياسة لا فائدة منه إن لم يكن قد عمل على تفكك الأسرة، أو أن المرأة نفسها أصبحت عازفة عن الاشتغال بالسياسة والنيابة عن الشعب.
وثاني الملاحظات - وقد زرت أوروبا أربع مرات أقمت في بلادها بضعة شهور - أني لم أحس أبداً بأثر المرأة الغربية في السياسة عندهم بوجه عام، وفي المجالس النيابة بوجه خاص، ولقد زرت مرة مجلس العموم البريطاني وحضرت جلسة طويلة من جلساته، فلم أشاهد نائبة واحدة من نائباته، بل كن كلهن غائبات! ...
وثالث الملاحظات، أن المرأة السويسرية ما تزال حتى الآن ترفض باختيارها أن تمارس حقها السياسي، وفي كل مرة تستفتى في هذا الموضوع