النهار، أدرك أي شقاء وتعب وهموم ستتعرض لها المرأة المرشحة.
أنا لا أريد أن أذكر الناس بما جرى في الانتخابات التكميلية سنة ١٩٥٧ في مراكز اقتراع النساء في دمشق - من شد شعور بعضن لبعض واتهام بعض المتحمسات لأحد المرشحين، لكرائم السيدات بتهم تأنف من سماعها المروءات، وما كان من هجوم بعضهن على بعض وضربهن بالأحذية، والاستنجاد بالشرطة، مما جعل المتحمسين لاشتغال المرأة عندنا بالسياسة يندمون على موقفهم - أنا لا أريد أن أذكر الناس بتفاصيل ما وقع، ولكني أريد أن أذكر السيدات اللاتي يحسبن النيابة أمراً هيناً، بأن الحكم بالأشغال الشاقة أهون مما يجب على المرشح أن يقوم به من استرضاء لخواطر الناخبين وتردد عليهم وتزلف لهم، فهل تتحمل طبيعة المرأة هذا؟ أم تحسب أن مجرد ترشيحها نفسها كاف لنجاحها؟
ثم ماذا نفعل بالأمومة؟ هل نحرم النائبة أن تكون أما؟ وذلك ظلم لفطرتها وغريزتها وظلم للمجتمع نفسه، أم نسمح لها بذلك على أن تتقطع عن عملها النيابي مدة ثلاثة أشهر كما تفعل المدرسات والموظفات؟ وهل نسمح لها أن تقطع أيام "الوحم" وقد تمتد شهرين فأكثر، وطبيعة المرأة في تلك الأيام طبيعة غير هادئة ولا هانئة، بل تكون عصبية المزاج، تكره كل شيء؟ فماذا بقي لها بعد ذلك من أيام العمل الخالصة وقد تكون الدورة البرلمانية خلال هذه الأشهرالتي تنقطع فيها عن العمل الخارجي؟
أنا لا أفهم ما هي الفائدة التي تجنيها الأمة من نجاح بضعة مرشحات في النيابة: أيفعلن ما لا يستطيع الرجال أن يفعلوه؟ أيحللن من المشاكل ما يعجز الرجال عن حلها؟ ألأجل أن يطالبن بحقوقهن؟ إن كانت حقوقاً كفلها الاسلام فكل رجل مطالب بالدفاع عنها وإن كانت حقوقا لا يقرها الاسلام. فلن تستجيب الأمة لهن وهي تحترم دينها وعقائدها.
يقولون: إن الفائدة من ذلك إثبات كرامة المرأة وشعور المرأة بانسانيتها! ....
ونحن نسأل: هل إذا منعن من ذلك كان دليلاً على أن لا كرامة لهن ولا انسانية؟ ...
أفليس في قوانيننا القائمة مواطنون منعهم القانون من الاشتغال بالسياسة