وهذا يدل على أثر المرأة في حركات الاصلاح ووجوب اسهامها فيها ولا يزال هذا الحكم قائما، أما أن يدل على الاشتغال بالسياسة بمعناه المفهوم اليوم، فلا.
ونعلم أيضاً أن النساء في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كن يحضرن خطبة العيد، ودروس وعظه صلى الله عليه وسلم منفصلات عن الرجال.
وهذا لا يدل على اشتغالهن بالسياسة، ومن زعم ذلك، فقد ارتكب شططاً.
ونعلم أن عائشة أم المؤمنين خاضت معركة شهيرة في التاريخ بمعركة الجمل، وكانت قائدة المعركة فيها من وراء ستار وهي على هودجها.
ولكن المؤكد أن عائشة ندمت على ما فعلت، وأن أمهات المؤمنين لمنها على ذلك، إذ ما كان يجوز لها الخروج من بيتها كزوجة للرسول بنص القرآن، ولكنها تأولت فأخطأت، ثم تابت واستغفرت، وأحاطها علي بعد المعركة بكل مظاهر الاكرام والحراسة حتى عادت الى بيتها في المدينة.
فلا يمكن إذاً أن يتخذ عملها هذا دليلاً على اشتغال المرأة المسلمة بالسياسة في تلك العصور، كما يزعم بعض المتهورين، لأنها حادثة فردية أدركت فيها عائشة خطأها.
ونعلم أنه في بعض أدوار التاريخ الاسلامي تولت احدى النساء الملك والحكم كما فعلت شجرة الدر، وأن منهن من كن ذات تأثير كبير على أزواجهن كزبيدة زوجة هارون الرشيد.
ولكن هذه حوادث فردية، وتدخلهن إنما كان من قبيل السيطرة والنفوذ على أزواجهن، لا على انه اسهام منهن في سياسة الدولة بالمعنى المفهوم اليوم.
إذاً فمن المؤكد أن المرأة المسلمة لم تشتغل في السياسة، ولم تسهم في الأحداث السياسية التي مرت بالمسلمين في كل أدوار التاريخ، فلمَ هذا؟ مع أننا قررنا أن الاسلام رفع مكانتها وسواها في الأهلية القانونية بالرجل ورفع عنها الغبن اللاحق بها في مختلف البيئات والشعوب؟
هنا يجب أن نذكر حقيقة تلقي لنا الضوء على هذه الظاهرة التي تكاد تبدو متناقضة، وهي أن الاسلام برغم إعطائه المرأة كل حقوقها المسلوبة من