١ - أن يكون له مبرر، وقد كان هذا المبرر في القرآن الكريم الخوف من عدم العدل في شؤون اليتيمات وعدم قيام الأوصياء بما يجب لهن من رعاية، وذلك أن مبادئ الاسلام تقتضي عدم الاختلاط بالاجنبيات، وذلك قد يؤدي أن لا يختلط الوصي بالمرأة التي مات عنها زوجها او البنت التي مات أبوها، خشية من الوقوع في الحرام، مع أن مصلحتهن قد تقتضي الدخول عليهن وسؤالهن عما يحتجن اليه، فأبيح له أن يتزوجهن اتقاءً لهذا المحظور وبذلك أبيح تعدد الزوجات الى أربع.
هذا مرر واحد ذكره القرآن، ومثله مبررات الحروب التي تفني الرجال وتستبقي النساء.
٢ - أن يعرف من نفسه القدرة على العدل بين زوجاته.
هذان هما الشرطان اللذان يشترطهما القرآن لإباحة التعدد، وهو يرى أن الشريعة لا تمنع "أن يعهد بظروف الناس في هذا الى هيئة رسمية أو قضائية وأن يقيد الناس في التعدد بحكم هذه الهيئة جوازاً أو منعاً".
ثم يقول: وليس ذلك من باب تحريم المباح، فان الذي معنا مباح بشرطين: أحدهما أن يكون له مبرر وداع شريف معترف به شرعاً، والآخر أن لا يؤدي التعدد الى الجور وعدم العدل، فولي الأمر لا يقول: أحرّم ما أحله الله، وأمنع ما أباحه، ولكن يقول: أراقب تحقق الشرطين اللذين قيد الله بهما هذه الاباحة، لئلا يقع من عدم تحققهما ضرر يكرهه الله ولا يأذن به، فهو بذلك خادم للحكم الشرعي لا معطل له (١) ".
هذا خلاصة رأيه، وهو يرى أن بإمكان أي هيئة رسمية أو قضائية ان تتأكد من استطاعته العدل بين الزوجات، ونحن لا نزال على رأينا الذي ذكرناه في بحث التعدد أنه من المستحيل أن تحكم هيئة أو أناس بما سيكون عليه الزوج في المستقبل من عدل بين الزوجات أو عدم عدل بينهن، لأن هذا أمر نفسي متغير، فقد يكون فيما مضى من عمره متخلقاً بخلق العدل، ولكنه لا يكون كذلك في المستقبل، وبخاصة أن من يتزوج ثانية - مهما كانت الأسباب والمبررات - ستكون أحب الى قلبه من الأولى وآثر عنده منها، وهذا الإيثار