من المعلوم أن أحكام الأسرة عندنا كانت تؤخذ من مذهب أبي حنيفة رحمه الله خلال مئات السنين، وكذلك كان الحال في لبنان والأردن ومصر والعراق، كما كانت تؤخذ من مذهب مالك في كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وكانت تؤخذ من الشافعي في الحجاز وبعض البلاد الأخرى، وتؤخذ من مذهب أحمد في السعودية والكويت وأمارات الخليج العربي.
وحين تخاصم الناس فيما بينهم ويتحاكمون الى فقيه من فقهاء الشريعة. كان كل فقيه يفتي بمذهبه الذي يتمذهب به.
ولا شك في أن كل مذهب قد يحتوي من الأحكام ما لا يتفق مع مصالح الأسرة، وبخاصة بعد تطور الحضارة والعادات والتقاليد، لذلك بدأت الدولة العثمانية في أواخر عهدها باصلاح ما تراه ضرورياً من أحكام القضاء في شؤون الأسرة، فأصدرت في عام ١٣٣٦ هقانون حقوق العائلة الذي أخذ بعض أحكامه من آراء في المذهب الحنفي نفسه، ومن آراء من المذاهب الاجتهادية الأخرى، كما أخذت مصر تسن في بعض مسائل الأحوال الشخصية قوانين تأخذ فيها بآراء غير المذهب الحنفي، فصدر في عام ١٩٢٠ القانون رقم ٢٥، وفي عام ١٩٢٩ القانون رقم ١٥، كما صدر في عام ١٩٤٣ القانون رقم ٧٧ وهو المتضمن لأحكام المواريث، وصدر في عام ١٩٤٦ القانون رقم ٧١ وهو المتضمن لأحكام الوصية كلها.
وقد صدر في سورية عام ١٩٥١ قانون الأحوال الشخصية شامل لأحكام الزواج وانحلاله، والأهلية والوصية والمواريث. وقد أخذت بعض أحكامه من آراء المذاهب الاجتهادية غير المذهب الحنفي، ونص في آخر مادة منه (المادة ٣٠٨) على أنه في الحالات التي لا يوجد عليها نص في القانون يعمل فيها بمذهب أبي حنيفة.
وكذلك صدر في كل من الأردن وتونس والمغرب والعراق قوانين جديدة تنظم أحكام الأسرة من المذاهب السائدة فيها. وقد تضمنت بعض هذه القوانين أحكاماً جديدة في أحكام الأحوال الشخصية كالمواريث تخالف أحكام الشريعة صراحة.