وبهذا رفع غبن كبير عن المرأة كانت تئن تحت وطأته بسبب التقيد بمذهب أبي حنيفة قبل صدور القانون.
غير أن الحق فسح المجال كثيراً أمام شروط الزوجة قد يعود بالضرر البالغ على الزوج، خذ لذلك مثلاً: اشتراطها أن لا يسافر بها من بلدها، ان الزوج قد يجد نفسه مضطراً للسفر، كأن يكون موظفاً صدر الأمر بنقله الى بلد آخر، فاذا أصرت الزوجة على عدم السفر معه، لم يكن أمامه إلا أن يتركها تعيش وحدها، ويعيش هو وحده، وفي هذا من تشتت للأسرة، وتعرض الحياة الزوجية لعدم الاستقامة، وإما أن يضطر الى طلاقها، وفي هذا خراب بيته، وانهيار حياته الزوجية، وتعريضه لهزات عنيفة ليس من اليسير تلافيها.
إني أرى اعادة النظر في مثل هذه الشروط بحيث لا يعنت الزوج، ولا تعنت الزوجة، والحياة الزوجية ليست شركة مادية يحاول كل طرف فيها أن ينال أكبر كسب ممكن، بل هي شركة معنوية، لا بد أن يتنازل فيها كل واحد للآخر عن بعض حقه. حتى يتم الوئام والانسجام والاستقرار.
بقيت هنا نقطتان لا بد من الاشارة اليهما:
الأولى: أن فقهاء الحنفية يقررون أنه اذا اشترطت الزوجة في العقد جعل حق الطلاق بيدها بحيث تطلق نفسها متى شاءت، فان هذا شرط محترم، ويكون من حقها أن تطلق نفسها في أي وقت تريد، وهم يحرّجونه لا على أنه من قبيل الشرط حتى يكون فاسداً كما هي قاعدتهم، بل على أن الزوج قد ملّكها حقاً يملكه بعد العقد متى يشاء، فله أن يعجل بتمليكها هذا الحق عند العقد. وليس في هذا ما ينافي القواعد العامة.
الثانية: أن قانون حقوق العائلة قد نص على أن الزوجة اذا اشترطت أن لا يتزوج عليها، واذا تزوج كانت هي أو ضرتها طالقة، فالعقد صحيح والشرط معتبر (المادة ٣٨) وهذا ليس من قبيل الشروط الفاسدة، بل هو من قبيل تعليق الطلاق بشرط، وهو صحيح كما اذا قال لها: إن ذهبت الى مكان كذا فأنت طالق. ثم ذهبت فالطلاق واقع قولاً واحداً.