بل ذهبت بعض الطوائف المسيحية الى ايجاب تعدد الزوجات، ففي سنة ١٥٣١ نادى اللامعمدانيون في مونستر صراحة بأن المسيحي - حق المسيحي - ينبغي أن تكون له عدة زوجات، ويعتبر المورمون كما هو معلوم أن تعدد الزوجات نظام الهي مقدس (١).
ويقول الأستاذ العقاد: ومن المعلوم أن اقتناء السراري كان مباحاً - أي في المسيحية - على اطلاقه كتعدد الزوجات، مع اباحة الرق جملة في البلاد الغربية، لا يحده إلا ما كان يحد تعدد الزوجات، من ظروف المعيشة البيتية، ومن سورية جلب الرقيقات المقبولات للتسري من بلاد أجنبية، وربما نصح بعض الأئمة - عند النصارى - بالتسري لاجتناب الطلاق في حالة عقم الزوجة الشرعية. ومن ذلك ما جاء في الفصل الخامس عشر من كتاب الزواج الأمثل للقديس اوغسطين، فانه يفضل التجاء الزوج الى التسري بدلاً من تطليق زوجته العقيم.
وتشير موسوعة العقليين الى ذلك. ثم تعود الى الكلام عن تعداد الزوجات فتقول: إن الفقيد الكبير جروتيوس دافع عن الآباء الاقدمين فيما أخذه بعض الناقدين المتأخرين عليهم من التزوج بأكثر من واحدة، لانهم كانوا يتحرون الواجب ولا يطلبون المتعة من الجمع بين الزوجات.
وقال جرجي زيدان:"فالنصرانية ليس فيها نص صريح يمنع اتباعها من التزوج بامرأتين فأكثر، ولو شاؤا لكان تعدد الزوجات جائزاً عندهم، ولكن رؤساؤها القدماء وجدوا الاكفتاء بزوجة واحدة أقرب لحفظ نظام العائلة واتحادها - وكان ذلك شائعاً في الدولة الرومانية - فلم يعجزه تأويل آيات الزواج حتى صار التزوج بغير امرأة حراماً كما هو مشهور".
٤ - ونرى المسيحية المعاصرة تعترف بالتعدد في افريقيا السوداء، فقد وجدت الارسالية التبشيرية نفسها أمام واقع اجتماعي وهو تعدد الزوجات لدى الافريقيين الوثنيين، ورأوا أن الاصرار على منع التعدد يحول بينهم وبين الدخول في النصرانية، فنادوا بوجوب السماح للافريقيين المسيحيين بالتعدد الى غير حد محدود، وقد ذكر السيد نورجيه مؤلف كتاب "الاسلام والنصرانية في أواسط افريقية"(ص ٩٢ - ٩٨) هذه الحقيقة ثم قال:
(١) نقل ذلك الاستاذ العقاد في كتابه "المرأة في القرآن الكريم" ص ١٣٢ - ١٣٣.