قال: وبهذا يعلم أن تعدد الزوجات محرم قطعاً عند الخوف من عدم العدل".
ثم قال السيد رشيد رضا بعد ذلك: هذا ما قاله الأستاذ الامام في الدرس الأول الذي فسر فيه الآية، ثم قال في الدرس الثاني:
"تقدم أن اباحة تعدد الزوجات مضيقة قد اشترط فيها ما يصعب تحققه فكأنه نهى من كثرة الأزواج، وتقدم أنه يحرم على من خاف عدم العدل أن يتزوج أكثر من واحدة، ولا يفهم منه كما فهم بعض المجاورين (طلاب بالأزهر) أنه لو عقد في هذه الحالة يكون العقد باطلاً أو فاسداً فإن الحرمة عارضة لا تقتضي بطلان العقد، فقد يخاف الظلم، وقد يظلم ثم يتوب فيعدل، فيعيش عيشاً حلالاً". اهـ.
من هذا يتبين لك:
أولاً- ان الاستاذ الإمام لا يرى في نظام تعدد الزوجات كما جاء في الإسلام، وكما طبقه المسلمون الأولون أي ضرر بالمجتمع.
ثانياً- أنه يرى في التعدد الذي شاهد آثاره بنفسه مضار تتعدى الأسرة الى المجتمع.
ثالثاً- أنه يرى وجوب تشريع يحول دون الاضرار التي يلحقها تعدد الزوجات بالمجتمع.
ولم يفصح رحمه الله عما يراه بخصوص هذا التشريع، هل هو منع التعدد؟ أم تقيده بقيود تقلل من وقوعه ومن أضراره؟.
ونحن لا نظن مطلقاً أنه كان يرى منع التعدد - ولو أن في كلامه ما يمكن أن يفهم منه ذلك لمن أراد أن يفهم - فمنع التعدد تغيير لأحكام الله، وحيلولة بين الأمة وبعض الأفراد وبين الاستفادة من هذا التشريع حين تقتضي الضرورات ذلك. ولا نعتقد أن الأستاذ الإمام رحمه الله يرى هذا، ولو أنه رأى هذا لكان رأيه مردوداً عليه، فشرع الله أحق أن يتبع، والله أعلم بالحكمة في تشريعه، واساءة استعمال أي تشريع لا تقتضي إلغاءه، بل تقتضي منع تلك الاساءة ...