ومن الملاحظات أن نجد المدرس وهو يسأل تلاميذه الصغار بطرق متنوعة عن أفضل مدرس بالنسبة لهم، فهذه الواقعة التي تبدو في ظاهرها مجرد فضول، إلا أنها تدل في عمقها على أن المدرس يسأل في سبيل جلب الاعتراف بأنه الأحسن، أو ليتعرف على الأقل على الصورة المفضلة لدى التلاميذ التي يمكنه بواسطتها أن يستحوذ على دارسيه، وهو نوع يشبه نوع الموقف الذي يتخذه أحد الوالدين سائلا الطفل إن كان يجب أمه أو أباه أو أيهما أفضل ولماذا؟ إنه موقف المساومة والارتشاء العاطفي والأنانية في الاستحواذ على الطفل.
ومع أهمية مثل هذه المواقف في العلاقة الناشئة بين المدرس والتلميذ، وقوة دلالتها، على أن دور المعلم في المدرسة يتحدد بواسطة هذه التصورات التي يكونها من الواقع، أو انطلاقا من تصورات التلاميذ.
ومهما كان الأمر فإن للمدرس أدوارا من المفيد أن نستعرضها.
أ- المدرس كمنفذ سياسة: وفقا لما تتطلبه سياسة المدرسة، يعمل المدرس على إكساب التلاميذ القيم والمعايير وأنماط السلوك التي تعكس سياسة السلطة التربوية في المجتمع، وليس من حقه التغيير، وإن كان تنفيذ هذه الممارسات للإكساب يعكس ذاتية المدرس وخصائصه الشخصية، وربما وقع في صراع بين السياسة المطلوب تنفيذها منه وما يؤمن به، إلا أنه في النهاية عليه أن يسير طبقا للسلطة التربوية الكبرى، وهو في ذلك يكون قد اتخذ أحد المسالك لعملية التنشئة الاجتماعية للتلاميذ.
ب- المدرس كممثل سلطة: السلطة داخل المؤسسة التعليمية ضرورية، وللمدرس نصيب منها بقدر ما يسمح له بإحداث التأثير المناسب في مجالات ضبط سلوك التلاميذ والحكم عليها واتخاذ قرارات تتصل بهم.
والتلميذ هنا من خلال تفاعله مع مدرسه الذي يعتبر ممثل السلطة، يتعلم أن هناك قوى مراقبة لضبط سلوكه، وأن هناك سلطات تقدير وتقويم تزنه وتحكم عليه حسب أدائه وسلوكه.
جـ- المدرس كنموذج سلوك: المدرس يجب أن يكون مثالا أو نموذجا للتلاميذ، ومتوقع منه أن يسلك تبعا لصورة لها أهميتها. إلا أن الأمر يختلف بين التلاميذ عند اتخاذهم مدرسيهم أو أحدهم نماذج لهم. فالتلميذ الذي ينتمي لمستوى