للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في التوافق النفسي والاجتماعي ويبدو أن الإشراف الكافي من قبل العاملات هو الذي يسد الثغرة الشائعة عن تأثير غيابها. إن المهم هنا هو استقرار بيئة الطفل وموقف الأم تجاه عملها ووظيفتها كأم، فمشكلات الأطفال إلى حد بعيد لا صلة لها بعمل الأم أو وجودها المستمر في المنزل. إن الاستقرار الأسري والوفاق بين الوالدين خلف التنشئة المناسبة للأطفال.

ولقد أشارت بعض الدراسات أن الأمهات العاملات يواجهن صراعا في الأدوار نتيجة تحملهن لأعباء متنوعة، مما ينعكس على العلاقة بين الأم والأبناء ولكن هذا يتصاءل حينما يكون هناك نوع من التعاون والدعم من قبل الزوج لزوجته في إنجاز بعض المهام أو المشاركة فيها، وإن كانت من اختصاصات الأمهات فقط. حتى وجود الزوج أثناء الولادة يعمل على تخفيف حدة الآلام، كما أن لعب الآباء مع الاطفال ومناغاتهم وحملهم وهدهدتهم يخفف الكثير على الأمهات ويجعل الحياة الأسرية أكثر متعة ويجعل الأب يدخل عالم طفله كما سوف يتضح بالتفصيل فيما بعد.

إن الفاحص لعلاقة الطفل بأمه كموضوع أوله لحبه، وكأول شخص يتعرف من خلاله على العالم يجد أن الأب يدخل متأخرا عالم الطفل. إن ذلك راجع إلى كونه لا يلبي رغبات حيوية بالنسبة للطفل.

ومن المعروف في مجتمعاتنا العربية أن الآباء غالبا لا يولون الأطفال عناية في الأسابيع الأولى، وحتى الشهور الأولى من باب أنه ربما لا يليق بالرجل. وهذا لا يمنع من مداعبة الطفل. والملاحظ أن الأم كثيرا ما تحاول توجيه انتباه طفلها إلى وجود أبيه بمجرد إحساسها أن الطفل أصبح الآن بإمكانه تحويل نظره مما يشير هنا إلى أن الأب يكون خارج عالم الطفل لفترة معينة. ولكن هذا التأخير لا يعني أن دخول الأب سوف يكون ثانويا، بل يمكن أن نقول عنه أنه يدخل عالم الطفل بقوة، وتبعا لشدة هذه القوة يكون الأثر على علاقة الطفل بالأب، بل وبالأم أيضا والإخوة.

وهذا الدخول القوي من قبل الأب في عالم الطفل من مدخل التأديب، حيث يكون الأمر والنهي للأب، وحيث يجد الطفل اندماجه الحقيقي في الأسرة وفي المجتمع متوقفا على استيعاب عالم الأبوة وتمثله Assimilation بما فيه من سلطة وقيم، ويجعل تقمص شخصية الأب ضرورة تتطلبها عملية النمو ذاتها، بفعل

<<  <   >  >>