للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربما نام في المسجد واشترى من مروان بن الحكم داره وكان بعضها لآل النجار وبعضها دار العباس لها باب إلى المسجد وهي اليوم باقية على حالها وفيها تسكن الأمراء.

ذكر زيادة الوليد بن عبد الملك فيه ١:

ذكر أهل السير أن الوليد بن عبد الملك لما استعمل عمر بن عبد العزيز على المدينة أمره بالزيادة في المسجد وبنيانه، فاشترى ما حوله من المشرق والمغرب والشام من أبي سبرة الذي كان أبي أن يبيع عليه ووضع الثمن له فلما صار إلى القبلة قال له عبد الله بن عبد الله بن عمر: لسنا نبيع هذا هو من حق حفصة، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسكنها، فقال له عمر: ما أنا بتارككم أنا أدخلها المسجد، فلما كثر الكلام بينهما قال له عمر: أجعل لكم في المسجد بابا تدخلون منه، وأعطيكم دار الرقيق مكان هذا الطريق، وما بقي من الدار فهو لكم، ففعلوا، فأخرج بابهم في المسجد وهي الخوخة التي في المسجد تخرج في دار حفصة، وأعطاهم دار الرقيق وقدم الجدار في موضع اليوم، وزاد من المشرق ما بين الأسطوان المربعة إلى جدار المسجد ومعه عشر أساطين من مربعة القبر إلى الرحبة إلى الشام ومد في المغرب أسطوانتين وأدخل في حجرات أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأدخل فيه دور عبد الرحمن بن عوف الثلاث التي كان يقال لها القراين اللاتي يقول فيهن أبو قطيفة بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط:

ألا ليت شعري هل تغير بعدنا ... بقيع المصلى أم كعمد القراين

ودار عبد الله بن مسعود، وأدخل فيه من المغرب دار طلحة بن عبيد الله ودار أبي سبرة بن أبي رهم ودار عمار بن ياسر وبعض دار العباس بن عبد المطلب وأعلى ما أدخل منها، فجعل منابر سواريها التي تلي السقف أعظم من غيرها من سواري المسجد قالوا: وبعث الوليد إلى ملك الروم: إنا نريد أن نعمل مسجد نبينا الأعظم، فأعنا فيه بعمال وفسيفساء، فبعث إليه بأربعين من الروم وبأربعين من القبط وبأربعين ألف مثقال عونا له وبأحمال من فسيفساء، وبعث هذه السلاسل التي فيها القناديل، فهدم عمر المسجد، وأخمر النورة التي يعمل بها الفسيفساء، وحملوا القصة من النخل منخولة وعمل الأساس من الحجارة والجدار بالحجارة المنقوشة المطابقة والقصة وجعل عمد المسجد من حجارة حشوها عمد الحديد والرصاص، وجعل طوله مائتي ذراع وعرضه في مقدمه مائتي ذراع وفي مؤخره مائة وثمانين وعمله بالفسيفساء والمرمر، وعمل سقفه بالساج، وموهه بالذهب، وهدم حجرات أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأدخلها فيه، وأدخل القبر فيه أيضا، ونقل لبن حجرات النبي -صلى الله عليه وسلم- ولبن المسجد فبنى به داره بالحرة وهو فيها اليوم له بياض على اللبن.


١ تولى الوليد الخلافة بعد موت والده عبد الملك وذلك من عام ٨٦هـ- حتى عام ٩٦هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>