للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشر بن سعيد أو سليمان بن يسار الضحاك أنه حدثه أن المسجد كان يرش زمان النبي -صلى الله عليه وسلم- وزمان أبي بكر وعامة زمان عمر، وكان الناس يتنخمون فيه ويبصقون حتى عاد زلقا حتى قدم ابن مسعود الثقفي، وقال لعمر: أليس قربكم وادٍ؟ قال: بلى قال: فمر بحصباء تطرح فيه فهو أكف للمخاط والنخامة، فأمر بها عمر، وذكر محمد بن سعد أن عمر بن الخطاب ألقى الحصا في مسجد رسول الله وكان الناس إذا رفعوا رءوسهم من السجود نفضوا أيديهم فأمر بالحصباء فجيء به من العقيق فبسط في المسجد.

ذكر زيادة عثمان بن عفان رضي الله عنه فيه:

روى البخاري في الصحيح أن عثمان زاد في المسجد زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج، وذكر أهل السير أن عثمان رضي الله عنه لما ولي الخلافة سنة أربع وعشرين سأله الناس أن يزيد في مسجدهم، وشكوا إليه ضيقه يوم الجمعة حتى إنهم ليصلون في الرحاب، فشاور فيه عثمان أهل الرأي من أصحاب رسول الله، فاجتمعوا على أن يهدمه ويزيد فيه، فصلى الظهر بالناس ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إني قد أردت أن أهدم مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأزيد فيه، وأشهد أني لسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من بنى مسجدا بنى الله تعالى له بيتا في الجنة"، وقدر أن لي فيه سلفا والإمام عمر بن الخطاب زاد فيه وبناه، وقد شاورت أهل الرأي من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هدمه وبنائه وتوسعته، فحسن الناس ذلك ودعوا له، فأصبح فدعا العمال وباشر ذلك بنفسه، وكان رجلًا يصوم النهار ويقوم الليل، وكان لا يخرج من المسجد فهدمه، وأمر بالقصة المنخولة وكان عمله في أول ربيع الأول سنة تسع وعشرين، وفرغ منه حين دخلت السنة لهلال المحرم سنة ثلاثين، فكان عمله عشرة أشهر، وزاد من القبلة إلى موضع الجدار اليوم، وزاد فيه من المغرب أسطوانًا بعد المربعة، وزاد فيه من الشام خمسين ذراعا ولم يزد فيه من المشرق شيئًا، وبناه بالحجارة المنقوشة والقصة وخشب النخل والجريد وبيضه بالقصة وقدر زيد بن ثابت أساطنيه فجعلها على قدر النخل وجعل فيه طاقات مما يلي المشرق والمغرب وبنى المقصورة بلبن وجعل فيها كوة ينظر الناس منها إلى الإمام وكان يصلي فيها خوفا من الذي أصاب عمر وكانت صغيرة وجعل أعمدة المسجد حجارة منقوشة فيها أعمدة الحديد وفيها الرصاص وسقفه بالساج، فجعل طوله ستين ومائة ذراع وعرضه خمسين ومائة ذراع، وجعل أبوابه على ما كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- باب عاتكة، والباب الذي يليه، وباب مروان، والباب الذي يقال له باب النبي -صلى الله عليه وسلم- وبابين في مؤخره.

وقال عبد الرحمن بن سفينة: رأيت القصة تحمل إلى عثمان وهو يبني المسجد من بطن نخل، ورأيته يقوم على رجليه، والعمال يعملون فيه حتى تأتي الصلاة فيصلي بهم ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>