للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسعة أذرع وأما أبوابه فكانت بعد زيادة المهدي فيه: في المشرق باب علي رضي الله عنه، ثم باب النبي -صلى الله عليه وسلم، ثم باب عثمان رضي الله عنه، ثم باب مستقبل دار ريطة، وباب مستقبل دار أسماء بنت الحسن، ثم باب مستقبل دار خالد بن الوليد، ثم باب مستقبل زقاق المصانع، ثم باب مستقبل ابنا الصوافي فذلك ثمانية أبواب: منها باقٍ في يومنا هذا: باب عثمان والباب المقابل لدار ريطة وفي الشام أربعة أبواب: الأول حذاء دار شرحبيل بن حسنة، والرابع حذاء بقية دار عبد الله بن مسعود، وليس منها شيء مفتوح في زماننا هذا، وفي المغرب سبعة أبواب: الخامس منها باب عاتكة والسادس باب زياد والسابع باب مروان، وليس منها شيء مفتوح في يومنا هذا إلا باب عاتكة، ويعرف الآن بباب الرحمة وهو الذي يلي باب الإمارة وفي دار مروان باب إلى المسجد باقٍ على حاله حتى الآن، روى إبراهيم بن محمد عن ربيعة بن عثمان قال: لم يبقَ من الأبواب التي كان رسول الله يدخل منها إلا باب عثمان، واعلم أن حدود مسجد رسول الله من القبلة الدرابزينات التي بين الأساطين، ومن الشام الخشبتان المغروزتان في صحن المسجد، فهذا طوله وأما عرضه من المشرق إلى المغرب فهو من حجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الأسطوان الذي بعد المنبر وهو آخر البلاد. ولم تزل الخلفاء من بني العباس ينفذون الأمراء على المدينة، ويمدونهم بالأموال؛ لتجديد ما يتهدم من المسجد ولم يزل ذلك متصلًا إلى أيام الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين١؛ فإنه ينفذ في كل سنة من الذهب العين الأمامي ألف دينار لأجل عمارة المسجد، وينفذ عدة من النجارين والبنائين والنقاشين والجصاصين والحراقين والحدادين والدوزجاربة والحمالين، ويكون مادتهم ما يأخذونه من الديوان ببغداد من غير هذه الألف المذكورة، وينفذ من الحديد والرصاص والأصباغ والحبال والآلات شيئا كثيرا، ولا تزال العمارة متصلة في المسجد ليلًا ونهارًا حتى إنه ليس به إصبع إلا عامرا وينفذ من القناديل والشيرج٢ والشمع عدة أحمال لأجل المسجد، وينفذ من الند والغالية المركبة والعود لأجل تجمير المسجد شيئا كثيرا، وأما الرسوم التي تصل من الديوان لغير العمارة فأربعة آلاف دينار من العين الأمامية للصدقات على أهل المدينة من العلويين وغيرهم، وينفذ من الثياب القطن ألف وخمسمائة ذراع لأجل أكفان من يموت من الفقراء الغرباء، هذا غير ما ينفذ للخطيب وإمام الروضة وللمؤذنين وخدام المسجد، وذكر يوسف بن مسلم أن زيت قناديل مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم كان يحمل من الشام حتى انقطع في ولاية جعفر بن سليمان الأخيرة على المدينة، فجعله على سوق المدينة، فلما ولي المدينة داود بن عيسى سنة سبع أو ثمانٍ وتسعين ومائة أخرجه من بيت المال، قلت: وفي يومنا هذا يصل الزيت من مصر من وقف هناك، ومقداره سبعة وعشرون قنطارا بالمصري والقنطار مائة وثلاثون رطلًا، ويصل معه مائة وستون شمعة بيضاء كبار وصغار وعلبة فيها مائة مثقال ند.


١ هو الناصر ابن المستضيء تولى الخلافة عام ٥٧٦هـ حتى عام ٦٢٢هـ.
٢ هو نوع من أنواع الزيت ويسمى باللغة المصرية العامية "السيرج".

<<  <  ج: ص:  >  >>