وإني لأعرف منه موت بني عبد المطلب وقال القاسم بن محمد ما دفن رسول الله حتى عرف الموت في أظفاره قالت عائشة رضي الله عنها ما أرادوا غسل رسول الله اختلفوا فقالوا: والله ما ندري أيجرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما نجرد موتانا؟ أو نغسله وعليه ثيابه، قالت: فلما اختلفوا ألقى عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا ذقنه في صدره ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا النبي وعليه ثيابه قالت: فقاموا إلى رسول الله فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص دون أيديهم وغسله علي رضي الله عنه أسنده إلى صدره وعليه قميصه يدلكه به من ورائه لا يفضي بيده إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابناه الفضل وقثم يقلبونه معه وأسامة بن زيد وشقران مولى النبي يصبان الماء عليه وعلي يقول: بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا ولم يرد من رسول الله شيء مما يرى من الميت فلما فرغوا من غسله كفن.
روى البخاري في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنه أنها قالت: كفن رسول الله في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة فلما فرغ من جهاز رسول الله يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته، ثم دخل الناس يصلون عليه أرسالا -أي جماعات: الرجال ثم النساء ثم الصبيان ولم يؤم الناس على رسول الله أحد.
واختلفوا في دفنه فأنبأنا عبد الرحمن بن علي، أخبرنا أبو الحسن الفقيه، أخبرنا علي بن أحمد البندار، أنبأنا عبيد الله بن محمد العكبري، حدثنا أبو عبد الله بن مخلد، حدثنا علي بن سهل بن المغيرة، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عثمان بن محمد الأخنسي عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، قال: لما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اختلفوا في موضع قبره فقال قائل: بالبقيع فإنه كان يكثر الاستغفار لهم وقال قائل: منهم عند منبره وقال قائل: منهم في مصلاه فجاء أبو بكر رضي الله عنه فقال: إن عندي من هذا خبرا وعلما سمعت رسول الله يقول: "ما قبض نبي إلا دفن حيث توفي". أخبرنا الحسن بن محمد الواعظ، أنبأنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني أبي أن أصحاب النبي لم يدروا أين يقبرون رسول الله حتى قال أبو بكر رضي الله عنه فأخروا فراشه وحفروا له تحت فراشه، وروى عكرمة عن ابن عباس قال: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله عليه السلام وكان أبو عبيدة يضرح حفر أهل مكة وكان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة؛ فدعا العباس رجلين فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة وللآخر اذهب إلى أبي طلحة، اللهم خر لرسولك؛ فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد لرسول الله ثم دفن رسول الله من وسط الليل ليلة الأربعاء وكان الذين نزلوا قبره علي بن أبي طالب والفضل وقثم ابن العباس، وشقران مولى رسول الله وبنى على لحده