للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه ليؤذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صوت هذا الضرب كما لو كان يؤذيه حيا صلى الله عليه وسلم تسليما.

ذكر وفاة أبي بكر رضي الله عنه:

ذكر محمد بن جرير الطبري بإسناد له أن اليهود سمت أبا بكر في أرزه، ويقال في خزيرة وتناول معه الحارث بن كلدة منها ثم كف وقال لأبي بكر: أكلت طعاما مسموما؛ فسم لسنته فمات بعد سنة ومرض خمسة عشر يوما فقيل له: لو أرسلت إلى الطبيب، فقال: قد رآني، قالوا: فما قالك لك؟ قال: قال إني أفعل ما أشاء، وقالت عائشة رضي الله عنها: كان أول ما بدا أبو بكر رضي الله عنه أنه اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة وكان يوما باراد فحم خمسة عشر يوما لا يخرج إلى الصلاة وكان يأمر عمر بن الخطاب يصلي بالناس ويدخل عليه الناس يعودونه وهو يثقل كل يوم وهو يومئذ نازل في داره التي قطعها له رسول الله وجاه دار عثمان بن عفان، قال أهل السير كان ينزل أبو بكر بالسيح عند زوجته بنت خارجة بن زيد وأقام بالسيح بعدما بويع له بالخلافة ستة أشهر يغدو على رجليه إلى المدينة وربما ركب على فرس له وعليه إزار ورداء فيوافي المدينة؛ فيصلي الصلاة بالناس فإذا صلى العشاء رجع إلى أهله بالسيح؛ فكان إذا حضر صلى وإن لم يحضر صلى بهم عمر بن الخطاب، وكان تاجرا يغدو كل يوم إلى السوق فيبيع، وكانت له قطعة غنم تروح عليه وربما خرج بالغنم لرعيها وربما كفيها ورعيت له، وكان يحلب للحي أغنامه؛ فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحي: الآن لا يحلب لنا منائح دارنا، فسمعها أبو بكر فقال بل لعمري لأحلبنها لكم وإني لأرجو ربي أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن خلق كنت عليه؛ فكان يحلب لهم ثم نزل المدينة فأقام بها ونظر في أمره فقال والله ما يصلح أمر الناس والتجارة وما يصلحهم إلا التفرغ لهم والنظر في شأنهم ولا بد لعيالي مما يصلحهم فترك التجارة واستنفق من بيت مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم ويحج ويعتمر، وكان الذي فرضوا له في كل سنة ستة آلاف درهم؛ فلما حضرته الوفاة قال: ردوا ما علي من مال المسلمين فإني لا أصيب من هذا المال شيئا وإن أرضى التي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم؛ فدفع ذلك إلى عمر فقال عمر: لقد أتعب من بعده.

روى البخاري في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على أبي بكر رضي الله عنه فقال: في كم كفنتم النبي؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله؟ قالت: يوم الاثنين قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليلة؛ فنظرت إلى ثوب عليه كما يمرض فيه به ردغ من زعفران فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين

<<  <  ج: ص:  >  >>