للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكفنوني فيها قلت: إن هذا لخلق قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت؛ فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل الصبح، وكان آخر ما تكلم به أبو بكر رضي الله عنه: رب توفني مسلما وألحقني بالصالحين، وتوفي بين المغرب والعشاء من ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال وكان عمره ثلاثا وستين سنة وغسلته زوجته أسماء بنت عميس بوصية منه وابنه عبد الرحمن يصب عليه الماء، وكفن وحمل على السرير الذي حمل عليه رسول الله وصلى عليه عمر في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجاء المنبر ودفن ليلة الثلاثاء إلى جنب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وألصقوا لحده بلحده ودخل قبره عمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن ابنه رضي الله عنهم وكان أبوه قحافة حيا بمكة؛ فلما نعي إليه قال: رزء جليل، وعاش بعده ستة أشهر وأياما، وتوفي في المحرم سنة أربع عشرة بمكة وهو ابن سبع وتسعين سنة رضي الله عنهما.

ذكر وفاة عمر رضي الله عنه:

روى أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده من حديث معدان بن أبي طلحة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام يوم الجمعة خطيبا؛ فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر رضي الله عنه، ثم قال: أيها الناس إني قد رأيت رؤيا كأن ديكا أحمر نقرني نقرتين ولا أدري ذلك إلا لحضور أجلي، وإن ناسا يأمرون أن أستخلف وإن الله لم يكن يضيع دينه وخلافته والذي بعث به نبيه، فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الرهط الستة الذين توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راض فأيهم بايعوا فاسمعوا له وأطيعوا وذكر كلاما طويلا قال: فخطب بها عمر يوم الجمعة وأصيب يوم الأربعاء.

وروى البخاري في الصحيح من حديث عمرو بن ميمون قال: إني لقائم ما بيني وبين عمر إلا عبد الله بن عباس حذاءه غداة أصيب وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا حتى إذا لم ير فيهم خللا تقدم فكبر، وربما قرأ سورة يوسف والنحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس؛ فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلبي حين طعنه أبو لؤلؤة غلام المغيرة وصار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينا وشمالا إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة؛ فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح علينا برنسا؛ فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه؛ فمن يلي عمر قد رأى الذي رأى وأما أواخر المسجد فإنهم لا يدرون؛ غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون سبحان الله سبحان الله فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس انظر من قتلني فجال ساعة ثم جاء فقال غلام المغيرة قال الصانع؟ قال: نعم قال: قاتله الله لقد أمرت به

<<  <  ج: ص:  >  >>