للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروفا، وقال الحمد لله الذي لم يجعل منيتي على يد رجل يدعي الإسلام واحتمل إلى بيته؛ فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل ذلك فقائل يقول: لا بأس وقائل يقول أخاف عليه فأتى بنبيذ فشربه فخرج من جوفه فعرفوا أنه ميت فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه وجاء شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك في صحبة رسول الله وقدمك في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم الشهادة قال: وددت أن ذلك كان كفافا لا علي ولا ولي؛ فلما أدبر رأى رداءه يمس الأرض قال: ردوا على الغلام، قال: يا ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أتقى وأنقى لثوبك يا عبد الله بن عمر انظر ما علي من الدين، فحسبوه فوجوده ستة وثمانين ألفا أو نحوه قال: إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فاسأل في بني عدي بن كعب فإن لم تف أموالهم فاسأل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم انطلق إلى عائشة أم المؤمنين أميرا وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال: يقرأ عليك السلام عمر بن الخطاب ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرنه به اليوم على نفسي فلما أقبل قيل هذا عبد الله بن عمر قد جاء قال: ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال ما لديك قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت فقال: الحمد لله ما كان أهم إلي من ذلك فإذا أنا قبضت فاحملوني إلى مقابر المسلمين، وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء معه فلما رأينها قمن فولجت عليه فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال فولجت داخلا، فسمعنا بكاءها من داخل فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين، استخلف قال: ما أجد أحدا أولى وأحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راض؛ فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن بن عوف وقال: اشهد يا عبد الله بن عمر ليس لك من الأمر شيء وأوص الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم وأوصه بالأنصار خيرا الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل أن محسنهم، وأن يعفو عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا؛ فإنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو ولا يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيرا؛ فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام أن يأخذ من حواشي أموالهم ويرد على فقرائهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم؛ فلما قبض رضي الله عنه خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلم عبد الله بن عمر، وقال: يستأذن عمر بن الخطاب قالت: أدخلوه فأدخل موضعا هناك مع صاحبيه قلت: وباع عبد الله بن عمر دارا لعمر بن الخطاب ومالا له بالغابة ثم قضى دين أبيه وكانت وفاته رضي الله عنه يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث

<<  <  ج: ص:  >  >>