أنبأنا أبو القاسم بن كامل عن أبي الحداد عن أبي نعيم الحافظ عن أبي محمد الخلدي قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، حدثنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن عن محمد عن إسماعيل عن حكام أبي عبد الله الشامي عن أبي عبد الملك أنه حدثه حديثا يرفعه إلى رسول الله أنه قال: مقبرتان تضيئان لأهل السماء كما يضيء الشمس والقمس لأهل الدنيا: مقبرتنا بالبقيع بقيع المدينة ومقبرة بعسقلان.
وحدثنا محمد بن الحسن عن عيسى بن عبد الله عن أبيه قال: قال كعب الأحبار نجدها في التوراة كفتة محفوفة بالنخيل موكلا بها الملائكة كلما امتلأت أخذوا بأطرافها فكفوها في الجنة، قلت: يعني البقيع.
وحدثنا محمد بن الحسن عبد الله بن نافع عن سليمان بن زيد عن شعيب وأبي عبادة عن أبي بن كعب القرظي أن النبي قال: من دفناه في مقبرتنا هذه شفعنا له أو شهدنا له.
وحدثنا محمد بن الحسن عن محمد بن إسماعيل عن داود بن خالد عن المقبري أنه سمعه يقول: قدم مصعب بن الزبير حاجا أو معتمرا ومعه ابن رأس الجالوت فدخل المدينة من نحو البقيع؛ فلما مر بالمقبرة قال ابن رأس الجالوت: إنها لهي! قال مصعب: وما هي؟ قال: إنا نجد في كتاب الله صفة مقبرة شرقيها نخل وغربيها بيوت يبعث منها سبعون ألفا كلهم على صورة القمر ليلة البدر فطفت مقابر الأرض؛ فلم أر تلك الصفة حتى رأيت هذه المقبرة، وحدثنا محمد بن الحسن عن العلاء بن إسماعيل عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال: أقبل ابن رأس الجالوت فلما أشرف على البقيع قال: هذه التي نجدها في كتاب الله كفتة لا أطؤها قال: فانصرف عنها إجلالا لها.
وروى مسلم في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلما كانت ليلتي منه يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: سلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد، وروي في الصحيح أيضا من حديثها قالت: لما كانت ليلتي التي فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندي انقلب؛ فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه واضطجع فلم يلبث إلا بقدر ما ظن أنني قد رقدت فأخذ رداءه وبدأ، وفتح الباب رويدا فخرج، ثم أجافه رويدا؛ فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع؛ فقام فأطال القيام ثم رفع يده ثلاث مرات ثم انحرف فانحرفت فأسرع فأسرعت فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت فسبقه فدخلت؛ فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال:"ما لك يا عائشة". قالت: لا شيء قال: "لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير" فأخبرته فقال: "فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ " قلت: نعم، فلهزني في صدري لهزة