أوجعتني، ثم قال:"أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ " قالت: قلت: مهما يكتمه الناس يعلمه الله عز وجل قال: "فإن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفى منك؛ فأجبته فأخفينا منك ولم يكن يدخل عليك، وقد وضعت ثيابك وظننت أن قد رقدت وكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشي فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي إلى أهل البقيع وتستغفر لهم" قالت: قلت: كيف أقول يا رسول الله قال: "قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا شاء الله بكم لاحقون".
واعلم أن أكثر الصحابة رضي الله عنهم مدفون بالبقيع، وكذلك جميع أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- سوى خديجة؛ فإنها بمكة مدفونة.
وبالبقيع سادة من التابعين ومن بعدهم من الزهاد والعلماء والمشهورين؛ إلا أن قبورهم لا تعرف في يومنا هذا فمن حضرها وسلم على من بها فقد أتى بالمقصود وليس في يومنا هذا معين إلا تسعة قبور: قبر العباس بن عبد المطلب عم النبي وعليه طين ساج وقبر الحسن بن علي بن أبي طالب ومعه في القبر ابن أخيه علي بن الحسين زين العابدين وأبو جعفر محمد بن علي الباقر وأبوه جعفر الصادق، والقبران في قبة كبيرة عالية قديمة البناء في أول البقيع وعليها بابان يفتح أحدهما في كل يوم للزيارة رضي الله عنهم أجمعين، وروي عن عبيد الله بن علي بن الحسن بن علي قال: ادفنوني إلى جنب أمي فاطمة بالمقبة فدفن إلى جنبها بالمقبرة. وقال سعيد بن محمد بن جبير: رأيت قبر الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند فم الزقاق الذي بين دار نبيه وبين دار علي بن أبي طالب، وقيل لي دفن عند قبر أمه، وروى قائد مولى عبادل قال: حدثني الحفار أنه حفر لإنسان؛ فوجد قبرا على سبعة أذرع من خوخة بيته مشرفا عليه لوح مكتوب هذا قبر فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت: فعلى هذا هي مع الحسن في القبة؛ فينبغي أن يسلم عليها هنالك وقبر صفية بنت عبد المطلب عمة النبي في تربة في أول البقيع.
وقال محمد بن موسى بن أبي عبد الله: كان قبر صفية بنت عبد المطلب عند زاوية دار المغيرة بن شعبة وقبر عقيل بن أبي طالب أخي علي رضي الله عنه في قبة في أول البقيع أيضا، ومعه في القبر ابن أخيه عبد الله بن جعفر الطيار وابن أبي طالب الجواد المشهور وقبور أزواج النبي وهي أربعة قبور ظاهرة ولا يعلم تحقيق ما فيها منهن، وقد ورى البخاري في الصحيح أن عائشة رضي الله عنها أوصت عبد الله بن الزبير: لا تدفني معهم -تعني النبي وصاحبيه- وادفني مع صواحبي بالبقيع.
وروي عن قائد مولى عبادل قال: قال لي منفذ الحفار: في المقبرة قبران مطابقان بالحجارة: قبر حسن بن علي وقبر عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فنحن لا نحركهما.