للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الفاكهي في الآية الآخيرة: إنها نزلت في مكة والطائف فيما يقال، وحكى في الرجل قولين١: أحدهما: أنه عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، والآخر: أنه مسعود بن معتب الثقفي.

قال: وأما الطائف فهي من مخاليف مكة، وهي بلد طيب الهواء بارد الماء، كان له خطر عند الخلفاء فيما مضى، وكان الخليفة يوليها رجلا من عنده، ولا يجعل ولايتها إلى صاحب مكة ... انتهى.

وبالطائف آثار تنسب للنبي صلى الله عليه وسلم، منها: السدرة التي انفرجت له نصفين حتى جاز بينهما، وبقيت على ساقين، وذلك لما اعترضته في طريقه، وهو سائر وسنان ليلا في غزوة الطائف، على ما ذكره ابن فورك٢، فيما حكاه عنه القاضي عياض في "الشفا"، وبعض هذه السدرة باق إلى الآن، والناس يتبركون به.

ومنها: مسجد ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم في مؤخر المسجد الذي فيه قبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، لأن في جداره القبلي من خارجه حجرا مكتوبا فيه: أمرت السيدة أم جعفر بنت أبي الفضل٣ أم ولاة عهد المسلمين أطال الله بقاءها بعمارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائف، وفيه أن ذلك سنة اثنتين وتسعين ومائة٤.

والمسجد الذي فيه قبر ابن عباس رضي الله عنهما أظن أن المستعين العباسي عمره مع ضريح ابن عباس رضي الله عنهما واسمه مكتوب في المنبر الذي في هذا المسجد، واسم الملك المظفر صاحب اليمن مكتوب في القبة التي فيها ضريح ابن عباس رضي الله عنهما بسبب عمارته لها.

وبالطائف مواضع أخر تنسب للنبي صلى الله عليه وسلم معروفة عند أهل الطائف.

وذكر الحافظ أبو محمد القاسم ابن الحافظ أبي القاسم على ابن عساكر خبرا في فضل أهل الطائف، نقله عن المحب الطبري في "القرى"، ونص ذلك على ما في


١ أخبار مكة للفاكهي ٣/ ١٩١، وإهداء اللطائف للعجيمي "ص: ٥٤"، وتفسير الطبري ٢٥/ ٦٥، وتفسير ابن كثير ٦/ ٢٢٤.
٢ هو أبو بكر محمد بن الحسن الأصبهاني المنوفي سنة ٤٠٦هـ "ترجمته في الوافي بالوفيات ٢/ ٣٣٤، ووفيات الأعيان ٤/ ٢٧٢، إنباه الرواة ٣/ ١١٠، سير أعلام النبلاء ١٧/ ٢١٤- ٢١٦، ومرآة الجنان ٣/ ١٧، ١٨، النجوم الزاهرة ٤/ ٢٤٠، شذرات الذهب ٣/ ١٨١.
٣ يقصد بها السيدة زبيدة زوج هارون الرشيد وأم ولي عهده الأمين، ونسب المأمون والمعتصم إليها تجوزا، وكانت قد زارت الحجاز، وأدخلت فيه بعض الإصلاحات، وبنت العمائر وأجلها عين زبيدة التي بمكة.
٤ إتحاف الورى ٢/ ٢٤٨، ٢٤٩، وأخبار مكة للأزرقي ٢/ ٢٣١، ٤٣٢، وفيهما أن ذلك كان سنة ١٩٤هـ وهو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>