للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظن أن دار العجلة ينقص مقدارها عما كان في زمن ابن الزبير -رضي الله عنه- لكونها ذكرت في حد المسفلة والمعلاة، ولا يكون كذلك إلا أن يكون منها الموضع المعروف بدار أبي سعيد، والله أعلم.

وإذا خفي غالب الدور التي ذكرها الأزرقي في حد المعلاة والمسفلة، فكيف بما ذكره من تعريف رباع مكة كلها بمن تنسب إليه، وهذا يؤيد ما ذكرناه من أن تعريف رباع مكة بمن هي في أيديهم لا يجدي في الوقت الحاضر، والله أعلم.

وحوز أهل المسفلة في عصرنا من جهة الصفا يمتد إلى الميل الذي بمنارة المسجد الحرام المعروفة بمنارة باب علي، وكان يمتد حوزهم إلى المطهرة الناصرية بالمسعى على ما قيل، وحوزهم من جهة دار العجلة إلى الدار المعروفة بدار أبي سعيد، وهي ملاصقة لدار العجلة.

وذكر الفاكهي ما يقتضي تفضيل المعلاة على المسفلة لأنه قال: "ذكر فضل المعلاة على المسفلة" حدثنا الزبير بن أبي بكر، حدثنا حمزة بن عتبة اللهبي قال: سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حد المشاعر بالمعلاة، والمسفلة، والجمار، والصفا، والمروة، والسعي، والركن، والمقام، والحجر، برز إلى أسفل مكة فنظر يمينا وشمالا فقال: "ليس لله تبارك وتعالى فيما ههنا حاجة" يعني من المشاعر١ ... انتهى.

وهذا خبر غريب، ولذلك أوردناه والله أعلم بصحته.

وأول دار بنيت بمكة وجعل بابها إلى مسجد الكعبة: دار الندوة، بناها قصي بن كلاب لما ملك مكة ليحكم فيها، يجتمع فيها هو وقومه للمشورة، واقتدت به قريش من بعده في الاجتماع بها للمشورة بها تبركا برأيه، ودخلت كلها في المسجد الحرام دفعات.

وذكر الزبير بن بكر، عن أبي سفيان بن أبي وداعة السهمي أن سعيد بن عمرو بن هصيص السهمي أول من بنى بمكة بيتا وأنشد لأبي سفيان في ذلك شعرا يدل عليه وهو قوله:

وأول من بوا بمكة بيته ... وسور فيها ساكنا بأثاف٢

ولم يذكر أنه جعل بابها إلى مسجد الكعبة، والله أعلم.


١ أخبار مكة للفاكهي ٣/ ٩٩، والحديث إسناده ضعيف، فيه "حمزة بن عتبة اللهبي" ذكره ابن حجر في اللسان ٢/ ٣٦٠، وقال: لا يعرف، وحديثه منكر، وانظر ترجمته في العقد الثمين ٤/ ٢٢٨.
٢ تاريخ القطبي "ص: ٢٣"، وفي الجامع اللطيف لابن ظهيرة "ص: ٢٦" أن حميد بن زهير أول من بنى بيتا مربعا بمكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>