للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى بعض الناس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يكثر التردد إلى هذه المواضع وذكر المحب الطبري أن دار خديجة أفضل الأماكن بمكة بعد المسجد الحرام، ولا شك في ذلك١ والله أعلم.

ومنها على ما يقال: دار لأبي بكر الصديق رضي الله عنه بهذا الزقاق، وهي مشهورة فيه، وعلى بابها حجر مكتوب فيه: هذه الدار دار صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ورفيقه في الأسفار إلى أن قال الكاتب: أمير المؤمنين أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أمر بعمارته طلبا لثواب الله تعالى، الأمير الكبير نور الدين عمر بن علي بن رسول المالكي المسعود في نعمة السلطان الملك المسعود، ذكر الكاتب ألقابه وألقاب أبيه، ثم قال: وذلك في المحرم سنة ثلاث وعشرين وستمائة٢ ... انتهى. والآمر بهذه العمارة هو الذي بنى المسجد الذي فيها، والله أعلم.

ولم يذكر الأزرقي هذه الدار للصديق رضي الله عنه، وذكرها ابن جبير في مشاهد مكة، لأنه قال لما ما ذكر مشاهدها: ومن مشاهدها الكريمة: دار لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وهي اليوم دارسة الأثر، ويقابلها جدار فيه حجر مبارك يتبرك الناس بلمسه، يقال إنه كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم متى اجتاز عليه٣ ... انتهى.

وذكر خطيب سبتة الإمام أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن محمد بن عمر بن رشيد بضم الراء المهملة الفهري في "رحلته" شيئا من خبر هذه الدار، وهذا الحجر، لأنه ذكر أن ممن لقي بمكة المشرفة فقيهيْ الحرم: الرضا محمد بن أبي بكر بن خليل وأخاه العلم أحمد، ثم قال: فلما زرناهما، جزنا بالطريق طريق دارهما بحجر يتبرك الناس بالتمسح به، فسألت علم الدين عنه فقال: أخبرني عمي سليمان قال: أخبرني محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف، قال: أخبرني أبو حفص الميانشي، قال: أخبرني كل من لقيت بمكة أن هذا الحجر هو الذي كلم النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الحجر الذي مررنا به هو الذي بجهة باب النبي صلى الله عليه وسلم أمام دار أبي بكر الصديق رضي الله عنه بارزا هنالك عن الحائط قليلا ... انتهى.

وهذ الحجر إن صح كلامه للنبي صلى الله عليه وسلم فلعله الحجر الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم على ليالي بعثت" ٤ ... انتهى بالمعنى.

وقد اختلف في هذا الحجر، فقيل: هو الحجر الأسود، وقيل: حجر غيره بمكة لعله هذا، والله أعلم.


١ القرى "ص: ٦٦٤".
٢ العقد الثمين ٦/ ٣٤٠، إتحاف الورى ٣/ ٤١.
٣ رحلة ابن جبير "ص: ٩٢".
٤ أخرجه: مسلم "الفضائل: ٢٢٧٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>