للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن سليمان في طريق منى إذا جاوزت المقبرة عن يمين الذاهب إلى منى ... انتهى.

وذكر الأزرقي في تعريف الخندمة نحو ما ذكره الفاكهي باختصار١، والخندمة الآن معروفة عند الناس بمكة، وفيها يقول القائل:

إنك لو شهدت يوم الخندمة

الأبيات المشهورة في خبر فتح مكة.

ومنها: جبل حراء بأعلى مكة، لكثرة مجاورة الني صلى الله عليه وسلم، وما خصه صلى الله عليه وسلم به فيه من الكرامة بالرسالة إليه، ونزول الوحي فيه عليه، وكان نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في غار فيه، لأن في بعض طرق الحديث: حتى فجأه الحق وهو في غار حراء، وهذا الغار بأعلى حراء، في مؤخره، وهو غار مشهور عند الناس، نقله الخلف عن السلف، ويقصدونه بالزيارة.

وذكر الأزرقي موضع هذا الغار، لأنه قال بعد ذكره لحائط حراء: وهو مشرف القلة مقابل لثَبير غَيْناء، ومحجة العراقي بينه وبينه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه واختبأ فيه من المشركين من أهل مكة في غار في رأسه، مشرف القلة مما يلي القبلة١ ... انتهى.

وذكر الفاكهي خبرا يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم اختفى بحراء من أذى المشركين وهذا غريب، وكذلك ما ذكره الأزرقي، لأن المعروف في الغار الذي اختبأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين أنه غار ثور لا غار حراء، فإنه كان يأتيه للعبادة، والله أعلم، وإن صح اختفاء النبي صلى الله عليه وسلم بحراء فهو غير اختفائه بثور، والله أعلم.

وذكره أبو عبيد البكري مع شيء من خبره، لأنه قال: حراء مشهور، بينه وبين مكة ميل ونصف، وهو جبل صعب المرتقى لا يصعد إلى أعلاه إلا من موضع واحد على رصفة ملساء، وهو في جميع جوانبه منقطع لا يرقاه راق، والموضع الذي نزل جبريل عليه السلام فيه في أعلاه من مؤخره في شق مبارك ... انتهى.

قلت: ما ذكره أبو عبيد من أن بين حراء ومكة ميلا ونصفا فيه نظر، لمخالفته ما نقله صاحب "المطالع"، لأنه قال: وهو على ثلاثة أميال من مكة، وذكر ذلك غيره وهو ابن جبير، لأنه قال: ومن جبال مكة المشهورة جبل حراء، وهو في الشرق منها على فرسخ أو نحوه٢، وذكره في موضع آخر من رحلته أنه في مكة على ثلاثة أميال ... انتهى.


١ أخبار مكة للأزرقي ١/ ٢٢٢.
٢ رحلة ابن جبير "ص: ٩٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>