للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الموضع من جملة المواضع التي أصلحتها في هذا الكتاب بعد تأليفي له، لأني لم أكن نظرت فيما كتبته أولا إلا كلام المحب، وتأيد عندي بما يقوله الناس في تفسير الحجون، فلما راجعت كلام الأزرقي، والخزاعي ظهر لي أنه الصواب، فكتبت هذا الفصل على هذا الوجه، والله أعلم بالصواب.

السابع: الحديبية الموضع الذي نزل عنده النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم من المدينة محرما يريد دخول مكة، فعاقه حينئذ المشركون عن ذلك. يقال إنه الموضع الذي فيه البئر المعروفة ببئر شميس بطريق جدة، والله أعلم.

قال صاحب "المطالع": إن الحديبية قرية ليست بالكبيرة، وسميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة ... انتهى.

والشجرة والحديبية لا يعرفان الآن، وقد سبق في حدود الحرم الخلاف في الحديبية، هل هي في الحرم كما قال مالك، أو في طرف الحل، كما قال الماوردي، أو أن بعضها في الحل وبعضها في الحرم، كما قال الشافعي وابن العطار، والله أعلم.

وليست الحديبية بالموضع الذي يقال له الحدة١ في طريق جدة بقرب هذا الموضع من جدة، وبعده من مكة، والحديبية دونه بكثير إلى مكة، واختلف في الياء الثانية من الحديبية هل هي مخففة أو مشددة، والقولان مشهوران على ما ذكر النووي في "التهذيب"، لأنه قال: الحديبية بضم الحاء وفتح الدال وتخفيف الياء، كذا قاله الشافعي رضي الله عنه وأهل اللغة، وبعض أهل الحديث، وقال أكثر المحدثين بتشديد الياء وهما وجهان مشهوران٢ ... انتهى.

والحديبية أفضل مواقيت العمرة بعد الجعرانة، والتنعيم، عند الشافعية، ما خلا الشيخ أبا حامد، فإن الحديبية عنده مقدم على التنعيم، والله أعلم بالصواب.

الثامن: ذو طوى الموضع الذي يستحب فيه الاغتسال للمحرم، هو على مقتضى ما ذكره الأزرقي: الموضع الذي يقال له بين الحجونين، لأنه قال فيما رويناه عنه بالسند المتقدم: بطن ذي طول: ما بين مهبط ثنية المقبرة التي بالمعلاة إلى الثنية القصوى التي يقال لها الخضراء مهبط على قبور المهاجرين٣ ... انتهى.

وفي "صحيح البخاري" ما يؤيد هذا، وصرح به القاضي بدر الدين بن جماعة فيما نقله عنه ابن القاضي عز الدين، على ما أخبرني عنه خالي، وقال النووي: إنه موضع بأسفل مكة في طريق العمرة المعتادة، ويعرف اليوم بآبار الزاهر٤ ... انتهى.


١ في الأصل "الحدبة"، وليس بطريق جدة مكان يقال له الحدبة.
٢ تهذيب الأسماء واللغات ١/ ٨١.
٣ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ٢٩٧.
٤ تهذيب الأسماء واللغات ٢/ ١: ١١٥ وقال النووي: إن طوى بفتح الطاء على الأفصح، ويجوز ضمها وكسرها، وبفتح الواو المخففة.

<<  <  ج: ص:  >  >>