للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الداودي فيما نقله عن صاحب "المطالع": إن ذا طوى هو الأبطح وهو بعيد، والله أعلم بالصواب، وطاؤه مثلثة وهو مقصور، واستحباب الغسل بذي طوى للمحرم هو مذهب الأئمة الأربعة، إلا أن أصحابنا لا يستحبونه للحائض والنفساء، لأنهما لا يؤمران بالطواف عند قدومهما مكة، والغسل شرع لأجل الطواف، والله أعلم. وإنما يطلب من المحرم الاغتسال فيه إذا كان في طريق.

التاسع: الردم، الذي ذكر بعض الشافعية أن المحرم يقف عنده للدعاء إذا قدم مكة، وهو ردم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأعلى مكة، وهو معروف عند الناس.

وسبب ردم عمر بن الخطاب رضي الله عنه له: أنه جاء في خلافته السيل المعروف بسيل أم نهشل، فدخل المسجد الحرام وذهب بالمقام عن موضعه، وأخفى موضعه، فشق ذلك على عمر رضي الله عنه وعمل هذا الردم صونا للمسجد١.

العاشر: الصفا، الذي هو مبدأ السعي، وهو في أصل جبل أبي قبيس، على ما ذكره غير واحد من العلماء، ومنهم أبو عبيد البكري، والنووي٢، وهو موضع مرتفع من جبل له درج، وفيه ثلاثة عقود، والدرج الذي أعلى العقود: أربع درجات، ووراء هذه الأربع ثلاث مصاطب كبار، على قمة الدرج يصعد من الأولى إلى الثانية منهن بثلاث درجات في وسطها، وتحت العقود درجة، وتحتها فرشة كبيرة، ويليها ثلاث درجات، ثم فرشة مثل الفرشة السابقة تتصل بالأرض، وربما علا التراب عليها فغيبت، وعرض الفرشة العليا التي تحت العقود: ذراعان وثلثا ذراع، وعرض الثلاث الدرجات التي بين الفرشتين، ذراعان ونصف ذراع، كل ذلك بذراع الحديد، وتحت الفرشة السفلى التي تتصل بالأرض درج مدفون وهو ثماني درجات، ثم فرشة مثل الفرشة السابقة، ثم درجتان، وتحت هاتين الدرجتين حجر كبير يشبه أن يكون من جبل، وهذا الدرج المدفون لم نره إلا في محاذاة العقد الأوسط من عقود الصفا. والظاهر والله أعلم أن في مقابلة العقدين الأخيرين مثل ذلك. وذرع ما بين وجه العقد الأوسط على الصفا إلى منتهى الدرج المدفون: ثمانية عشر ذراعا بالحديد، وكان تحرير ذلك بحضوري بعد الأمر بالحفر عن الدرج المشار إليها في سابع عشر شوال سنة أربع عشرة وثمانمائة٣، وكان ابتداء حفرنا عن ذلك يوم السبت خامس عشر شوال المذكور.


١ والردم هو ما يسمى الآن بالمدعى.
٢ تهذيب الأسماء واللغات ١/ ٢: ١٨٠.
٣ إتحاف الورى ٣/ ٤٨٧، ٤٨٨، العقد الثمين ٧/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>