وأما حد المحصب من جهة منى: فوقع في كلام الأزرقي ما يوهم أنه إلى حائط خرمان، وهو الأودان المعروفة بالخرمانية بأعلى المعابدة، ولفظ الأزرقي الذي أوهم كون هذا الموضع حد المحصب قوله في الحد السابق إلى حائط خرمان، ويحتمل أن لا يكون تعرض لحده، وإن أراد أن الموضع الذي ينزل من المحصب يكون على يسار الذاهب إلى منى، وعلى يسار الذاهب إلى حائط خرمان، وهو أقرب والله اعلم، لأني وجدت في كلام منقول عن الشافعي ما يقتضي أن حد المحصب من جهة منى جبل المقبرة وهو بقرب السبيل الذي يقال له سبيل الست، وطريق منى إلى جهته لا إلى جهة منى ونص الكلام الذي رأيته للشافعي في ذلك على ما نقل سليمان بن خليل في منسكه، قال الشافعي رضي الله عنه: المحصب ما بين الجبلين، جبل المقبرة، والجبل الآخر وهو على باب مكة بالأبطح، هكذا نقل الشيخ أبو حامد في التعليق ... انتهى من منسك ابن خليل، وهو يقتضي أن حد المحصب من جهة جبل المقبرة، وجبل العيرة حد الميل الثاني من الأميال التي ذكرها الأزرقي، فيما بين باب بني شيبة وموقف الإمام بعرفة، لأنه قال لما ذكر هذه الأميال: والميل الثاني في حد جبل المقبرة، وقال في موضع آخر: المقبرة الجبل الذي عند الميل على يمين الذاهب إلى منى ... انتهى.
وقد اعتبرنا من باب بني شيبة إلى السبيل الذي يقال له سبيل الست فجاء ميلين، كل ميل ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة ذراع، فاستفدنا من هذا أن جبل المقبرة عند هذا السبيل، وأنه حد المحصب من جهة منى، والله أعلم.
وأما قول صاحب المطالع": المحصب بين مكة ومنى، وهو إلى منى أقرب، فليس بظاهر، وقد نبه على ذلك النووي، والله أعلم، والمحصب هو خَيْف بني كنانة التي تقاسمت فيه قريش على الكفر.
العشرون: المروة، الموضع الذي هو منتهى السعي، هو في أصل جبل قعيقعان، على ما قال أبو عبيد الله البكري، وقال النووي: إنها أنف من جبل قعيقعان١. وذكر سليمان بن خليل سبب تسمية الصفا والمروة، وكذلك المحب الطبري ونص ما ذكره سليمان بن خليل: وقال جعفر بن محمد: نزل آدم عليه السلام على الصفا، وحواء على المروة فسمي الصفا باسم آدم المصطفى، وسميت المروة باسم المرأة، وهي الصخرة الملساء، وجمع المروة المروات بمثل تمرة وتمرات.
ونص ما ذكره المحب الطبري في شرح التنبيه: والصفا مقصور، وهو في الأصل: جمع صفا، وهو: الصخرة الملساء، والحجر الأملس، والمروة في الأصل: الحجر