للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحادي والعشرون: المزدلفة، الموضع الذي يؤمر الحاج بنزوله والمبيت فيه بعد دفعه من عرفة ليلا، هو ما بين مأزمي عرفة ومحسر، ومأزمي عرفة هو الذي يقال له المضيق، وقد ذكر حد المزدلفة بما ذكرناه جماعة من العلماء، منهم: عطاء كما في تاريخ الأزرقي عنه١، والإمام الشافعي في كتابه "الأم"، لأنه قال: المزدلفة حدها من حيث يفيض من مأزمي عرفات إلى أن يأتي قرن محسر، هكذا على يمينك وشمالك من تلك المواطن القوائل، والظواهر، والنجاد، والوادي، كل ذلك من المزدلفة ... انتهى.

وسميت مزدلفة لازدلاف الناس إليها، أي اقترابهم، وقيل: لمجيء الناس إليها زلفا من الليل، أي ساعات، وقيل غير ذلك، ويقال للمزدلفة: جمع سميت بذلك لاجتماع الناس بها، وقيل: لاجتماع آدم وحواء فيها، وقيل: لجمع الصلاتين فيها. وبها مسجد حول قزح، وهو صغير مربع ليس بالطويل الحيطان، طوله إلى جهة القبلة ستة وعشرون ذراعا إلا ثلث ذراع غير أن الجهة التي عن يسار المصلي تنقص في الطول عن الجهة اليمنى خمسة أذرع إلا ثلث ذراع، وعرضه اثنان وعشرون ذراعا، وفي قبلته محراب فيه حجر مكتوب فيه: أن الأمير يلبغ الخاصكي جدد هذا المكان بتاريخ ذي القعدة سنة ستين وسبعمائة٢.

وقد ذكر الأزرقي صفة مسجد المزدلفة وذرعه٣، وذكرنا كلامه بنصه في أصل هذا الكتاب، وكان تحرير ما ذكرناه من ذرع هذا المسجد بحضوري، والذراع الذي حررناه به هو ذراع الحديد المتقدم ذكره، وطول المزدلفة من حدها الذي يلي منى، وهو طرف وادي محسر إلى حد مزدلفة الذي يلي عرفة، وهو أول المأزمين مما يلي المزدلفة سبعة آلاف ذراع وسبعمائة ذراع وثمانون ذراعا وأربعة أسباع، ومن جدار باب بني شيبة إلى حد مزدلفة من جهة منى ومكة عشرون ألف ذراع وخمسمائة ذراع وسبعة أذرع -بتقديم السين- وثلاثة أسباع ذراع، يكون ذلك أميال على القول بأن الميل ثلاثة ألاف ذراع وخمسمائة ذراع: خمسة أميال وستة أسباع ميل يزيد سبعة أذرع -بتقديم السين- وثلاثة أسباع ذراع، ومن باب المعلاة إلى حد المزدلفة المشار إليها ثمانية عشر ألف ذراع وثلاثمائة ذراع وثمانون ذراعا وثلاثة أسباع ذراع بذراع اليد، يكون ذلك أميالا على القول


١ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٩١، ١٩٢.
٢ وفي سنة ٨٤٢هـ أمر السلطان جقمق الأمير سودون بتعمير هذا المسجد، وفي سنة ٨٧٤هـ في سلطة السلطان قايتباي أمر أمير مكة الشريف محمد بن بركات بتبيضه، وفي سنة ١٠٧٢هـ عمره سليمان بك والي جدة من قبل السلطان محمد الفاتح.
٣ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٨٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>