للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن الميل ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع: خمسة أميال وربع ميل يزيد خمسة أذرع وثلاثة أسباع ذراع، والله أعلم.

الثاني والعشرون: المشعر الحرام الذي يستحب للحاج الوقوف عنده للدعاء والذكر، غداة يوم النحر، هو موضع معروف بالمزدلفة، وهو قزح الذي تقدم ذكره وحديث جابر رضي الله عنه الطويل يدل على أن المشعر الحرام موضع من المزدلفة لا كلها، لأنه قال فيه بعد أن ذكر نزول النبي صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة ومبيته بها، وصلاته فيها الصبح: ثم ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا وكبر وهلل ووحد، ولم يزل واقفا حتى أسفر جدا ودفع قبل أن تطلع الشمس١.

وفي حديث علي رضي الله عنه السابق عند ذكر قزح ما يؤيد ذلك٢، لأن قزح هو المشعر الحرام، والله أعلم.

وأما قول ابن عمر رضي الله عنهما: المشعر الحرام المزدلفة كلها، ومثله في كثير من كتب التفسير، في قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨] فهو محمول على المجاز، أشار إلى ذلك المحب الطبري، والأفصح في المشعر الحرام فتح الميم، وكسرها لغة، حكاه الجوهري وغيره، ولم ترد إلا بالفتح، ومعنى المشعر الحرام أي الذي يحرم فيه الصيد وغيره، ويجوز أن يكون معناه ذا الحرمة، والله أعلم.

وأحدث وقت بني فيه المشعر الحرام فيما علمت سنة تسع وخمسين وسبعمائة٣، أو في التي بعدها.

ومن جدار باب بني شيبة إلى جدار المشعر الحرام الذي يلي مكة المكرمة خمسة وعشرون ألف ذراع وسبعمائة ذراع -بتقديم السين- وثمانية أذرع وأربعة أتساع ذراع ومن عتبة باب المعلاة إلى حد المشعر الحرام الذي يلي مكة ثلاثة وعشرون ألف ذراع، وستمائة ذراع وواحد وثمانون ذراعا وأربعة أسباع ذراع، يكون ذلك أميالا على القول بأن الميل ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع: ستة أميال وخمسة أسباع ميل ونصف عشر ميل، يزيد ستة أذرع وأربعة أسباع ذراع، والله أعلم.

الثالث والعشرون: المطاف المذكور في كتب الفقهاء، وهو ما بين الكعبة ومقام إبراهيم الخليل عليه السلام وما يقارب ذلك من جميع جوانب الكعبة، وقد أشار إلى


١ أخرجه مسلم "١٢١٨" في الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم وأبو داود "١٩٠٥، ١٩٠٧، ١٩٠٨، ١٩٠٩" في المناسك، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، والنسائي ٥/ ١٤٣، ١٤٤ن في الحج وابن ماجه "٣٩٧٤" في المناسك باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
٢ سنن أبي داود "١٩٣٥"، والترمذي "٨٨٥" في الحج.
٣ إتحاف الورى ٣/ ٢٧٤، العقد الثمين ٥/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>